Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الموت قد كتبه الله على كل الخلق بمن فيهم الأنبياء، لذا فقد أرسل الله مئات الرسل والأنبياء ليكونوا مبلغين للناس بتوحيد الله وعبادته دون إشراك به عز وجل، وليصلوا بالإنسان الى معرفة الله والغيب الذي أخفاه عن عقولهم فلا يصلون إليه إلا بنور الوحي والرسالة، ولقد اختلف العلماء في تحديد عدد الأنبياء والرسل، ولكن القرآن الكريم ذكر فقط خمسة وعشرين رسولا ونبيا، ثمانية عشر نبيا .

فمنهم ذكروا في سورة الأنعام، والباقي في عدة سور متفرقة مثل، ذي الكفل، وشعيب، ‏وهود، وآدم، وإدريس، وصالح، ومحمد، عليهم جميعا الصلاة والسلام، ومن الأنبياء الذين اصطفاهم الله بشرف النبوة هو إدريس عليه السلام، وهو من أقدم الأنبياء عليهم السلام، وهو من أوائل الذين اصطفاهم الله عز وجل بالنبوة، حيث قيل أنه كان بعد آدم عليه السلام.

ونبى الله إدريس عليه الصلاة والسلام هو أحد الأنبياء والرسل الكرام الذين أخبر الله عنهم في القرءان الكريم، وقد ذكره الله تعالى في بضعة مواطن من سور القرءان، وهو ممن يجب الإيمان والاعتقاد بنبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم، وقد وصفه الله تعالى في القرءان الكريم بالنبوة والصديقية ، وقد اختلف في نسبه وأشهر ما قيل هو إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويسمى أيضا أخنوخ، وينتهي نسبه عليه السلام إلى نبي الله شيث بن آدم عليهم الصلاة والسلام.

وهو نبى الله إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، وهذا ما عُرف من نسبه ولا يقين فيه، بيد أن المعلوم عنه قربه من فترة آدم، وقد يكون بينهم خمسة أشخاص، فهو بذلك يكون زمانه قبل زمان نوح عليه السلام، في حين ذُكر في التوراة بإسم أخنوخ، وهو أحد أنبياء الله ورُسله الذين ذكرهم في القرآن الكريم بشكل مُختصر، فقد وصفه عز وجل، بالصبر والصلاح، وعُرف عنه بأنه أول من خط بالقلم وخاط الثياب ولبسها.

وبالإضافة إلى نظره في علم النجوم وسيرها وعلم الحساب، ومن الجدير بالذكر أن أغلب المعلومات التي عُلمت عن سيدنا إدريس عليه السلام مأخوذة من الإسرائيليات، وعلى ذلك فليس بها علم اليقين والقطع، وكان النبي إدريس عليه السلام خياطا، وله أيضا مواعظ في الأدب، وكان يتحدث باثنين وسبعين لسانا، وهو أول من قام بعلم السياسة المدنية، وقام برسم قواعد تمدين المدن وتحسينها، وتم بناء مئة وثماني وثمانين مدينة.

وسيدنا إدريس عليه السلام نبي كريم من أنبياء الله عز وجل ذكره الله في القرآن الكريم مرتين دون أن يحكي لنا قصته أو قصة القوم الذين أُرسل إليهم، قال تعالى: ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) وقال تعالى: ( واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيّا، ورفعناه مكانًا عليّا ) وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس ليلة الإسراء والمعراج، وهو في السماء الرابعة، فسلم عليه فقال صلى الله عليه وسلم “فأتيتُ على إدريس فسلمت، فقال: مرحبا بك من أخ ونبي ” رواه البخاري .

وقد اختلف العلماء في مسقط رأس النبي إدريس عليه السلام، فمنهم من قال بأنه ولد في فلسطين، وغيرهم قالوا في مصر وبابل، وكانت نشأته في فلسطين حيث إنه تعلم علم أجداده، وأدرك من حياة آدم عليه السلام ثلاثمائة وثمانية سنين، لأن البشر قديما كانوا من أصحاب العمر المديد جدا، وعندما بلغ واشتد عوده اختاره الله بأن يكون من أولي العزم ونزلت عليه الرسالة.

وقيل سمي إدريس بهذا الاسم لأنه مشتق من الدراسة، وذلك لكثرة درسه الصحف التي أنزلت على سيدنا آدم وابنه شيث عليهم الصلاة والسلام ، وقيل إن إدريس هو أول من خطّ بعد آدم عليه السلام وقطع الثياب وخاطها، وينسب إلى هذا النبي الكريم أشياء كثيرة مما هي كذب وافتراء ، وسيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام وهو ثالث الأنبياء بعد أبونا آدم وشيث عليهم السلام.

وروي أن سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام جاءه مرة إبليس في صورة إنسان وكان سيدنا إدريس يخيط وفي كل دخلة وخرجة يقول سبحان الله والحمد لله، فجاءه إبليس اللعين بقشرة وقال له: الله تعالى يقدر أن يجعل الدنيا في هذه القشرة؟ فقال له سيدنا إدريس: الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سَمّ هذه الإبرة أي ثقبها، ونخس بالإبرة في إحدى عينيه وجعله أعور، وهذا ليس ثابتا من حيث الاسناد.

وأما قول سيدنا إدريس عليه السلام: الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سم هذه الإبرة، أراد به أن الله تبارك وتعالى قادر أن يصوّر الدنيا أصغر من سم الأبرة ويجعلها فيه، أو يجعل سم الأبرة أكبر من الدنيا فيجعلها أي الدنيا في سم الإبرة، لأن الله تبارك وتعالى على كل شىء قدير، وإنما لم يفصل له سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام الجوابَ لأنّه معاند، ولهذا عاقبه على هذا السؤال بنخس العين.

وقد أخذ إدريس عليه السلام في أول عمره بعلم شيث بن آدم عليهما السلام، ولما كبر آتاه الله النبوة والرسالة وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه ابن حبان، فصار عليه السلام يدعو إلى تطبيق شريعة الله المبنية على دين الإسلام الذي أساسه إفراد الله تعالى بالعبادة، واعتقاد أنّه لا أحد يستحقّ العبادة إلاّ الله، وأن اللهَ خالق كل شىء ومالك كل شىء وقادر على كل شىء، وأن كل شىء في هذا العالم يحصل بمشيئة الله وإرادته وأن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، ولا يشبهه شىء من خلقه.

ولقد دعا إدريس قومه إلى الإيمان بالله تعالى وحده، وذلك لما أصابهم من بعد آدم وشيث من ضياع وسوء ونزاعات وظلم وعدم اتباع شريعة الله التي أنزلها، ولكن فئة صغيرة منهم رجعوا عما كانوا فيه، وفئة كبيرة حاربته ومن معه، فخرج فيهم إلى مصر، فتوقف عند النيل وأخذ يسبح اسم الله ويمجده ويدعو الناس إلى مكارم الأخلاق وطاعة الله، وكانت مدة إقامة إدريس في الأرض ثمانيه مائة عام، ثم رفعه الله تعالى إليه إلى السماء الرابعة، كما ذكر الله تعالى في قوله: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا).

وقد تعدد رأي العلماء في هذا الأمر إلى أن نزل أمر من الله تعالى إلى ملك الموت عزرائيل عليه السلام بأن يقبض روح إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، ونزل ملك الموت، ورفع إدريس عليه السلام بجناحيه إلى السماء وقبض الله روحه فيها، والنبي الوحيد الذي رفع إلى السماء ولم تقبض روحه هو نبى الله عيسى عليه السلام.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *