Share Button

………

كُلُّنا نحنُ البَشرُ، مُعرَّضونَ للخطأ، مُقَيَّدونَ بأَسبابٍ وَ مُسَبِّباتٍ (بكسرِ البَّاءِ الأُولى الْمُشَدَّدة) وَ مُسَبَّبَاتٍ (بفتحِ البَّاءِ الأُولى الْمُشَدَّدة) أَيضاً، هذا الأُمرُ، أَعني بهِ: القيد الّذي نحنُ فيهِ، يَطالُ كلَّ شيءٍ في حياتنا على الإِطلاقِ، في شتَّى مجالاتِ حياتِنا، سواءٌ كانت روحيَّةً أَو فكريَّةً أَو نفسيَّةً أَو بدنيَّةً أَو، أَو، أَو… الخ، وَ بمعنىً أَوضح: إِنَّنا مِن غيرِ كمالٍ مُطلَقٍ نهائيَّاً، وَ هذا أَمرٌ بديهيٌّ يعلَمُهُ كُلُّ عاقلٍ فينا؛ لأَنَّ الكمالَ الْمُطلقَ للهِ تعالى فَقَط لا غير، أَمَّا نحنُ البَشرُ، فيُمكِنُنا أَن نصِلَ إِلى أَعلى مراتبِ الْتكامُلِ لا الكمال، وَ الفَرقُ شاسِعٌ بينَ التكامُلِ وَ الكَمالِ، فلاحِظ وَ تبصَّر!

وَ حيثُ أَنَّ إِحرازَ الأَفضَلِ يكونُ بإِتِّباعِ الكاملِ ذو الكمالِ الْمُطلَقِ لا بإِتِّباعِ الْمُتكامِلِ ذو التكامُلِ التَّامِّ وَ إِن كانَ الْمُتكامِلُ قَد وصلَ في تكامُلِهِ إِلى أَعلى مراتبِ التكامُلِ لديهِ في الشأَنِ ذاتِ العَلاقة، لذا: وَجَبَ عَلينا (بَدَاهَةً) أَن لا نتَّبِعَ أَحداً غيرَ اللهِ سُبحانهُ وَ تعالى!

وَ مِنَ البديهيِّ الّذي لا شَكَّ فيهِ مُطلَقاً (على الأَقلِّ بالنسبةِ ليَ شخصيَّاً وَ لجميعِ الْعُقلاءِ دونَ استثناءٍ)، أَنَّ اللهَ تَقَدَّسَتْ ذاتُهُ وَ تنزَّهَتْ صِفاتُهُ لا يُمَثِّلُ إِلَّا الْحُبَّ وَ الخيرَ وَ السَّلام، لذا: فهُوَ لا يُريدُ لنا سوى الْمَحضَّ مِنَ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ مَعَاً دونَ شيءٍ آخَرَ سواهُم مُطلَقَاً؛ إِذ لا حاجَةَ للهِ فينا، فهُوَ الغنيُّ عنَّا، إِنَّما نحنُ الّذينَ في حاجَةٍ ماسَّةٍ إِليهِ سُبحانه، وَ لَو لَمْ يَكُنِ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَد أَحبَّنا، ما كانَ قَد خلَقَنا في هذهِ الحياةِ مُطلَقاً؛ وَ هذا ما أَشارَ إِليهِ الحديثُ القُدسيُّ الشّريفُ الّذي نصَّ على مَا يلي:

– “كُنتُ كَنزاً مَخفيَّاً فَخَلقتُ الْخَلقَ لأُعرَفَ”..

أَيّ: أَنَّ اللهَ سُبحانهُ يَقولُ لنا: أَنَّهُ قبلَ أَن يَخلُقَنا كانَ هُوَ كنزاً مَخفيَّاً عَنَّا، نحنُ لا نعرِفُ شيئاً عَن وجودِ هذا الكنز، وَ لأَنَّهُ يريدُنا أَن ننتَفِعَ منهُ، فهُوَ أَكرمُ الأَكرَمين، لذا: خَلَقَنا، وَ دَلَّنا عليهِ، وَ أَرشدَنا إِلى كيفيَّةِ الوصولِ إِلى هذا الكنزِ العَظيم، الّذي لا كنزَ أَعظمَ منهُ مَطلَقاً، وَ لأَنَّنا نحنُ البَشَرُ مُختلِفونَ فيما بيننا، في الأَفكارِ، وَ الأَهواءِ، وَ الأَنفُسِ، وَ الأَبدانِ، وَ في كُلِّ شيءٍ على الإِطلاقِ، إِلَّا في بعضِ الأَشياءِ ذات العَلاقَةِ الَّتي نتشابَهُ فيها تارَةً، وَ نتماثُلُ في غيرها تارةً أُخرى، وَ شَتَّانَ بَينَ التشابُهِ وَ التماثل، فلاحِظ وَ تبصَّر! لأَجلِ هذا الاختلافِ، بَعثَ اللهُ سُبحانهُ لنا الأَنبياءَ وَ الرُّسُلَ (على نبيِّنا وَ عليهِم السَّلامُ)؛ ليُحدِّثونا على قَدرِ عقولِنا، فنعرِفُ منهم سُبُلَ تطبيقِ أَوامرِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلينا، لذا: قالَ لنا نحنُ آخِرُ الأُممِ قاطبةً: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.. [القُرآنُ الكريم: سورة الحشر/ من الآية (7)]..

وَ الأَمرُ الإِلهيُّ واضحٌ لا لفّ فيهِ وَ لا دوران، أَمرٌ مُباشِرٌ وَ صريحٌ وَ شَفَّافٌ وَ لَن يَقبَلَ التأَويلَ مُطلَقاً..

عليهِ: فإِنَّ كُلَّ مَن هُوَ دونَ الرَّسولِ الْمُصطفى مُحمَّد بن عبد اللهِ الهاشميِّ (روحي لَهُ الفداء) إِنَّما هُوَ مُكلَّفٌ بإِتِّباعِ الرَّسولِ الْمُصطفى أَيضاً، مثلما نحنُ مُكلّفونَ بذلكَ..

– ما الّذي يعنيهِ هذا الأُمرُ الإِلهيُّ؟

يعني: أَنَّ النبيَّ الْمُصطفى (روحي لَهُ الفداء) إِذا لَمْ يَكُن قَد أَمرنا بشيءٍ فإِنَّ كلَّ ما عداهُ يكونُ باطِلاً!!

أَيّ: إِذا قالَ النبيُّ (روحي لَهُ الفداء):

– اِفعلوا كذا.

توجَّبَ علينا آنذاكَ أَن نفعَلَ ما أَمرنا بهِ دونَ تفريطٍ أَو إِفراطٍ منَّا فيهِ مُطلَقاً..

وَ إِن قالَ (روحي لَهُ الفداء)”

– لا تفعلوا كذا.

توجَّبَ علينا أَيضاً أَن لا نفعلَ ذلكَ الشيءَ، حتَّى وَ إِن ظننا أَنَّ تركنا لَهُ فيهِ ضَررٌ لنا وَ أَنَّ ارتكابنا لَهُ فيهِ منفَعةٌ لنا..

– لا!

لا، وَ أَلفُ لا، لا يَجبُ علينا أَن نظُنَّ أَنَّ أَفكارنا الَّتي تُخالِفُ أَوامِرَ النبيِّ وَ نواهيهِ هيَ على صوابٍ فيما ظَنناهُ منها..

– لماذا؟

لأَنَّنا مُقيَّدون، لأَنَّنا مُعرَّضونَ للخطأ، لأَنَّنا نسيرُ في دربِ التكامُلِ لا الكمَالِ، وَ لأَنَّ الشخصَ الوحيد فينا (نحنُ البشرُ) الّذي وصلَ إِلى أَعلى مراتبِ التكامُلِ هُوَ النبيّ الْمُصطفى (روحي لَهُ الفداء)، لذا: أَمرنا صاحِبُ الكمالِ الْمُطلَقِ، أَعني بهِ: (الله الإله الخالق الحَق) تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَتْ صفاتُهُ، أَمرنا بإِتِّباعِ صاحِبِ أَعلى مراتبِ التكامُلِ فينا؛ لنتمَكَّنَ بذلكَ مِن معرفَةِ الإِرشاداتِ الصحيحةِ الَّتي بتطبيقنا لها يُمكنُنا أَن نجنيَ الكثيرَ مِنَ الكنزِ العظيمِ الّذي كانَ مَخفيَّاً عَنَّا قبلَ أَن نُخلَقَ في هذهِ الحياة..

– فَهَلْ نترك هذا الكنز العَظيمِ (الله) عزَّ وَ جَلَّ؛ انجراراً لظنونِ أَفكارِنا الَّتي هيَ مَعنا ضمنَ دائرةِ القيدِ الّذي نحنُ فيهِ ذاته؟!

ما مِن عَاقلٍ ينجَرُّ لظنونِ أَفكارهِ، وَ إِن فَعلَ ذلكَ شَخصٌ فهُوَ أَحمَقٌّ لا مَحَالَة!

لذا: فلنكنُ جميعُنا، أَنا وَ أَنت وَ كلّ مَن يُريدُ الاِنتِفاعَ مِن هذا الكنزِ العظيمِ، لِنَكُن مِمَّن يُسارِعونَ إِلى إِتّباعِ مَن يَجبُ علينا إِتِّباعَهُ دونَ سواه، أَعني: اللهَ تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتهُ، وَ مِن ثُمَّ مِن بعدهِ: الرّسول الْمُصطفى (صلّى اللهُ عليهِ وَ آلهِ وَ سَلَّم)؛ لأَنَّ الّذي يَجِبُ علينا إِتِّباعَهُ هُوَ: (اللهُ) سُبحانهُ، وَ لا أَحدَ غيرَ اللهِ مُطلَقاً، مَا لَم يأَمُرنا اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ بذلك، فإِن وجدنا الأَمرَ بإِتِّباعِهِ، كما وَجبَ علينا في أَمرهِ لنا بإِتِّباعِ النبيِّ الْمُصطفى (صلَّى اللهُ عليهِ وَ آلهِ وَ سلَّم)، إِتَّبعناهُ؛ طاعَةً للهِ، وَ إِلَّا: فلا.

– لماذا؟

لأَنَّ جَميعَ الْخَلقِ (بما فيهِم النبيُّ الْمُصطفى روحي لَهُ الفداء) مُكلّفونَ بإِتِّباعِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُملةً وَ تفصيلاً..

وَ لَعَمْريَ أَنَّ سَبيلَ نجاتنا في الدُّنيا وَ الآخرة، هُوَ اِلتزامُنا التامّ الْمُطلَق بجميعِ أَوامرِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ؛ ففيها عزَّتُنا وَ كرامتُنا وَ رُقيُّنا، وَ ما عدى هذا، فلن نحصُلَ على شيءٍ سوى الْخُسرانِ الْمُبين.

اللهُمَّ ثبِّتنا على طاعَتِكَ، وَ اهدِ الغافلينَ عَنكَ إِلى سبيلِ الرَشاد.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٢‏ شخصان‏، و‏‏أشخاص يبتسمون‏، و‏‏نص‏‏‏‏

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *