Share Button

بقلم د. مجدي إبراهيم
جميلُ أن يكون لك قلمٌ حرُّ؛ تكتب ما تريد في الوقت الذي تريد، ولا عليك أبداً فيما يُقال حولك أو يقالُ فيك؛ لأنك في تلك الساعة التي تضع فيها قلمك علي الأوراق، تستجيب “لنداء القلم” فتؤدي الرسالة؛ صادقاً ومخلصاً، ليست لك غاية فيما تريد أن تؤديه إلا ابتغاء وجه الله والوطن.
وجميلُ كذلك أن تجد في نفسك رغبة عارمة في أن يكون كلك لله : لفظك وفعلك، وفكرك وقولك، وضميرك وعملك، تنأى بنفسك عن تُرَّهات الأنداد والقرناء: أنداد السوُء وقرناء المنافسة على الزائل في هذه الدنيا .. جميلُ أن تكون لك مثل هذه الطلاقة الروحيّة في كشف “القيمة”، والدفاع عنها، والطرق الدائم على فاعليتها، والإيمان بدوامها واستمرارها، رغم ما تراه أمامك من جحود ونكران، ومن تغيير تفرضه قيم ساقطة سادت في بلادنا ليس لنا لمقاومتها سبيل إلا أن يكون النقد هو الهادم لها في كل حين.
جميلُ أن تقول ما يمليه عليك ضميرك؛ وتحتسب كل ما قلته أو تقوله لله، وفي سبيل الله .. فإذا نجحت كنت بالله موفقاً، وإذا أخفقت وفشلت كنت مع الله صابراً؛ لعلمك أن الله لا يضيع أجر المحسنين؛ ومن ورائك بذل المجهود، لا رقيب ولا حسيب عليك إلا ضميرك بين يدي الله.
جميلُ أن ترى الواغش البشري من أولئك المتطفلين المتسلطين ينتهزون الفرص فيصعدون على أكتاف الآخرين، ووسيلتهم التي لا يعرفون لهم وسيلة سواها هى التملق والزلفى والنفاق والتطبيل، أنما هى وسيلة يجيدونها ويصوِّبون سهامهم ضاربة إليها في الصميم، ثم تنأي بنفسك عن كل هذا؛ وأكثر من هذا؛ ليكون لك عصمة الرقابة الباطنة التي تعصمك من الغفلة عن النجاح بغير تعب، والصلاح بغير جهاد، والوصول بغير ضريبة مفروضة من بذل المجهود.
جميلُ منك أن تسعي وأن تطلب معالي الأمور بعزة النفس؛ ولا تذل لمخلوق – كائناً من كان – ولا تطأطئ الرأس لإنسان مهما وُجِدتْ فيه جبروت الأناسي؛ لأنه – صلوات ربي وسلامه عليه – قال : ” أطلبوا الأشياء بعز الأنفس؛ فإنّ الأمور تجري بالمقادير”. فهذا – يا صاح – جبروت الطغيان الخاوي من الامتلاء؛ هو فراغ في هواء؛ لا مضمون فيه ولا مفهوم، خواءُ غير قابل للاحتواء!
جميلُ منك أن تكون في كل ما تراه دالاً علي الحياة الجادة الصادقة؛ طالباً، ومجدَّاً فيما تطلب، رامياً إلى أن تصبر على أعمالك وأقوالك، وأن تتقي بصبرك أفاعيل العجزة المُفلسين ..
ليس القلم الذي نقصد إلا القيم التي نعقد، وأهمها قيم الإخلاص لله في القول والفعل حتى إذا فتشت فيما يقال وجدته يخلو من الإخلاص ليصيب الدّنيّة، إذ يصدر عن هوى أو حظ نفس، ومادام صدر عن هوى وحظ نفس؛ فالإخلاص يفارقه بمقدار ما يخالطه المراء والرياء وتوخي الفتنة وحبّ الظهور.
هذا بكل تأكيد مصدر تخلف روحي ومعنوي يسلب عن الحياة طاقتها الفاعلة ويحيل العمل إلى هباء يتناثر كأنه لم يكن، يشتت الضمائر ويفرّق التآلف ويقضي على الوحدة ولا يعرف للتآزر سبيلاً ينتهي إليه.
الشتات الروحي هو في الأصل قدح في القيم، وكدح لا يورث بقاء ولا نقاء ولا لقاء، لأنه يقطع الأمل بالعلوي ويقصره على تحصيل الأرضي ويجعل الهمة العاملة باقية فيه.
نحن لا نعمل لأجل قليل من عمر السنين نقضيه، ولكننا نعمل لنصل الضمير الإنساني مسيره بمصيره، ومسيره قيم فاعلة حية، ومصيره لقاء الله مع الكدح إليه، ثواب أو عقاب.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *