روي أبو الفرج الاصفهاني في كتابه الأغاني للأصفهاني
أن رجلاً من العرب يقال له هنديه إبن حشرم أمر الخليفة معاوية إبن أبي سفيان بقتله فلما تحقق الأعرابي من ذلك أرسل خلف زوجته ليودعها فأتت تختال في ثوب خز والمسك يفوح منها وقد رنت خلاخيلها وكانت ذات حسن وجمال و خلتها جميلة الوجه في طلعة الصبح شابة الجسم شباب الضحي ملتهبة الانوثه كشعاع الظهيرة رقيقة الطبع رقة الأصيل زاهية المنظر في مثل شفق المغرب من تأنقها فقد كانت وجها وضيئ الطلعة كأنه السعادة المقبلة فلما اجتمعا جلسا يتحدثان ثم تباكيا وكان بينهما ما كان و لسان حاله ينطق بما جادت به قريحة الشاعر الكبير ياسين الفيل إذ يقول :
عيناكِ زادي و قنديلي و راحلتي
إذا خطرت بليلي زغرد الوتر
و همهماتك ألحاني و قافيتي
و اذا خطرتِ بليلي زغرد القدر
و صوتك العذب خدر يستحل دمي
هذي بقيته في الروح تنتشر
و رغم صمتي فالماضي يذكرني
بوردة في صباح العمر تزدهر.
(تراجع قصيدة عيناك والحقيقة الباكية من ديوان عودة الظامئ للشاعر ياسين الفيل )
و التفت إلي زوجته الجميلة وكانت إبنة عمه فأوصاها ألا تُنكح بعده فما كان منها إلا أن قامت الي جدار الحائط باندفاع واخذت سكينا وقطعت أنفها فتهلل فرحاً ومشي في قيودة مطمئناً وقال الآن طاب الموت فَقُتِل و عزائي فيا لها من جميلة وفية أو بلهاء شقية و ياله من محتطب جاف أناني
فقد حكم علي روضة الورد ذلك الحكم القاسي بجفاء لا نظير له ولا حد بروح مظلمة يكاد ظلها أن يجعل العشب الأخضر يابسا
فلم يكن له قرار إلا أن تذوي أعضاؤها و تنتثر أوراقا ذابلة
فيملأ منها حبالته غير مبال إلا كما تبالي الوحوش الكاسرة
ما عسي أن تزهق من أرواح الزهر و الورود حين تأكل من نبات الأرض فلا عجب أن تكون روحه لثقلها و ظلمتها
كأنها قطعة من روح الليل البهيم
أما هي فستبقي علي الدهر رمزا للوفاء و صاحبة قلب كبير
أتعبها و ارتمي بها في متاهات الضني
حقاً إن الحب والجنون من أم واحدة وإن إختلف أبواهما. فاللهم رحماك بهذه الوفية البلهاء وبقلوب المحبين الضعفاء فإن قلوبهم هواء
🌹المستشار : عادل رفاعي 🌹