Share Button

❤️🌹📜 الوصية 📜🌹❤️

منذ أشهر خلت رأيت فيما يري النائم قريباً لي توفاه الله يطل عليَّ من العالم الآخر يستصرخني بكل خلجة في نفسه أن أطلب من شقيقاته أن يغفرن له و أن يسامحنه لحرمانه إياهن من الإرث في تركته ، إذ تصرف فيها كاملة لفتيً قريبٍ له و لم يترك لغيره منها نصيباً و طلب إليَّ أن أسألهن الدعاء له و ما أن هممت أن أتوجه إليهن حتي قابلني إبن أخته الكبري الذي صب جام غضبه عليه و علت وجهه علامات السخط و الغضب ،
و الواقع أنه لو كان قد تصرف في حدود الثلث و ترك الباقي لورثته لحقق المعادلة الصعبة وَ لَأَرضَيَ كل الأطراف ،
و قد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
“أن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصي و حاف في وصيته فيختم له بِشَرّ عمله فيدخل النار
و أن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة”
هذا و قد حدث أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضران في الوصية فتجب لهما النار
و قال قرأ عليَّ أبو هريرة من هاهنا
(من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار حتي بلغ و ذلك الفوز العظيم)

و أري أن المحرم علي هذا النحو هو نية الاضرار بحرمان الوارث من إرثه ، أما تصرف المرء حال حياته في ماله جائز إذ هو غير مطالب بتقسيم أمواله أو توزيعها وفق الأنصبة المذكورة في المواريث فهذه الأنصبة خاصة بما يتركه الميت بعد الوفاة
‘يراجع الفتوي رقم ٢٨٥٩٣٣ في ١١/٩/٢٠١٢ فتاوي أمانة الفتوي’ .

و لقد عاشرت أسرة كانت مكونة من خمس بنات و أمهن بعد أن مات الأب و كتب الثروة كلها بإسم صديق له هروباً من الطعن علي التصرف بالصورية محاولا حرمان أشقائه الذكور من الميراث ليؤمن لبناته مستقبلهن فانفرد الصديق الشقي بالثروة وحده و التهمها في جوفه و حال دون وصولها لمستحقيها و ظل العمر كله يرفض من يتقدم لخطبة البنات بأعذار واهية حتي أضاع عليهن فرصة الزواج و ما زال يراوغهن مواصلا حرمانهن من إرثهن .
لكن الوجه الآخر من الصورة أن هناك حالات يعاني فيها الكثيرون من جحود الأبناء و الأقارب و إنكارهم لهم و اهمالهم إياهم بل و تطاولهم عليهم و ذكرهم بما يشينهم ظلما و عدوانا و إلصاق التهم بم و هم منها براء مما يترك ندوبا و جراحا غائرة بالنفس تدفعهم أن يغضوا الطرف عنهم و أن يتوجهوا بكل عواطفهم و أموالهم إلي من قدم إليهم يد العون و عين الرعاية و يدفعهم دفعاً إلي إقصاء أقاربهم من كل حساباتهم
إذ لم يقدموا إليهم ما يغنيهم عن اللجوء إلي غيرهم و استجداء نظرات العطف و التحنان التي تهون عليهم في خريف أيامهم .

و الله تعالي أمر بصلة الأرحام رحمة للمؤمنين و أوجب لهم حقوقا تُرعي و جعلها من أفضل القُربات ، إذ هي تكون بموالاتهم و محبتهم و الاجتهاد في إيصالهم كفايتهم بطيب النفس عند الحاجة و المسارعة إلي مساعدتهم و معاونتهم و مراعاة جبر خواطرهم مع التلطف و التعطف بهم و التواضع معهم في الغني و الفقر و القوة و الضعف
و في ذلك يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

“و الذي بعثني بالحق لا يقبل الله صدقة من رجل و له قرابة محتاجون لصلته و يصرفها لغيرهم و الذي نفسي بيده لا ينظر إليهم يوم القيامة” .. ‘رواه الطبراني و رواته ثقات ‘ ..

و لقد أنبأني صديق أن له قريباً لا يكره علي وجه البسيطة أحداً مثل كراهيته له ، فنصحته أن يطفئ نار غضبه و يتقي لهيب سخطه بأن يسدي إليه معروفاً من الوزن الثقيل ففعل فلما سألته عن رد فعل قريبه أقسم أن لن يتخلص من الكراهية إلا بالموت الزؤام
فبشرته أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بَشَّر بأن أفضل الصدقة علي ذي الرحم الكاشح (أي المضمر العداوة في باطنه) .
و أن النبي صلى الله عليه وسلم بَشَّر بأن الصدقة و صلة الرحم يزيدان في العمر و يدفعان ميتة السوء و المكروه و المحذور ..’رواه أبو يعلي’..
و ذكَّرته أن صلة الرحم توثق عري المحبة و التآلف و تصفي القلوب من كدرة التحاقد و التحاسد و تجعل الجميع متحابين متضامنين متوادين
فالله قال للرحم أما ترضين أن أصل من وصلك و أقطع من قطعك .. ‘رواه الشيخان’ ..
“يراجع كتاب الرياض الندية في الخطب المنبرية’ لمحمد حلمي محمد خضر’ مكتبة الارشاد’ جدة’ المملكة العربية السعودية”

فاللهم ارحمنا إذا ظهر القول و خُزِن العمل و أئتلفت الألسنة و تباغضت القلوب و قطع كل ذي رحم رحمه
اللهم أصلح ذات بيننا و ألف بين قلوبنا و اجمع شملنا و وحد كلمتنا و أعطنا من الخير فوق ما نرجوا و اصرف عنا من السوء فوق ما نحذر و لا تسلب نعمتك منا و كن مصاحبا لنا و أذقنا برد عفوك و حلاوة مغفرتك و احفظنا و بلادنا من كل مكروه و سوء و صل علي الحبيب المصطفى سيد ولد آدم الذي أوصانا بصلة أرحامنا صلاة تُحط بها عنا أوزار خطيئاتنا و ننال بها منازل الأبرار و نننعم بها في الدنيا و في دار القرار و علي آله وأصحابه ومن والاه إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها و هو خير الوارثين

المستشار : عادل رفاعي

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *