Share Button

 كتب ابراهيم عطالله

سنة ١٨٨٤م صدر كتاب في أمريكا بيحكي تاريخ مقاطعة جرين الأمريكية نيويورك بس قبل ما تبقا ولاية يعني، بتسرد القصص اللي عاشها المستعمرين الأوائل مع الهنود الحمر في المنطقة دي قبل ما يتم التخلص من السكان الأصليين كلهم وتتحول لمدينة أمريكية .

الكتاب إسمه the History of Greene County للمؤلف الأمريكي الشهير J. G. Beers وهي زي ما قلنا بتحكي عن تاريخ مقاطعة جرين في القرن السابع عشر،

في وسط الكتاب بقا حكاية عجيبة حصلت في المقاطعة دي في القرن ال١٧ تخص واحد مصري اسمه Norsereddin او نور سر الدين، وصل شواطيء أمريكا مع هوجة الهجرات الأوروبية اللي كانت في القرن ال١٧ يعني في العصور الوسطى ايام ما كانت مصر تحت الحكم العثماني والمماليك البايات،

خرج من مصر ووصل امريكا بشكل ما محدش يعرفه ولا عارف ظروف هجرته دي، يمكن هربان ويمكن بيدور على فرصة مش عارفين، بس اللي معروف انه وصل مع المستعمرين الهولنديين الأوائل اللي كانوا عاملين مستعمرة في الحتة دي ومسميينها “نيو أمستردام” واللي بعد كدة هتبقا نيويورك .

المهم ، نور سر الدين ده عاش في محيط جبال كاترسكيل في جرين “نيويورك” مع سكان المستعمرة الهولندية، واتصاحب عليهم، في نفس الوقت ده كان الجنب التاني من الجبل كانت عايشة قبائل هندية، منها قبائل “الموهوك” على سبيل المثال،

زعيم القبيلة الهندية اللي كانت ناحيتهم كان اسمه “شانداكين” وكان زعيم عجوز طيب، وكان عنده بنت زي القمر، جميلة جمال آخاذ يعني اسمها “لوتوانا”

ولإن بنته لوتوانا كانت جميلة جدا، فا كانت مطمع لكل أبناء القبائل المجاورة والبعيدة وكل يوم يتقدملها واحد ويترفض، حتى سكان المستعمرات الأجانب اعجبوا بيها وبجمالها، لكنهم كانوا بيحاولوا يتجنبوا الحرب فا كانوا بيتجنبوها يعني،

ابوها الزعيم شانداكين عشان يقفل باب بنته لوتوانا خالص والقبائل تبطل تبصلها، جمع القبائل كلها وأعلن خطوبتها من زعيم قبيلة الموهوك الشهيرة واللي كان شاب ساعتها، واقاموا الاحتفالات والدنيا بيس، ومع ذلك محاولات نيل الرضا من بنت الزعيم استمرت بردو.

في وسط كل ده، اخونا نور سر الدين شافها صدفة، واول ما شافها أعجب بيها واتوهم بجمالها، وزي اي مصري محترم نزل فيها حك عشان ينول رضاها وتحبه، وبقا ينطلها في الرايحة والجاية عشان بتعرف وكدة، لكنه وقتها كان واصل عالحميد المجيد محلتوش اللضا، قاعد في المستعمرة معوش حاجة توحد ربنا ورايح يلاغي بنت زعيم القبيلة نفسها، حاجة تضحك والله.

المستعمرين الهولنديين صحابه بقا استلموه تريقة، يسكروا ويتريقوا عليه، بقا عايز تحب بنت الزعيم اللي مخطوبة اصلا؟ وسايب كل البنات وجي على اصعب واحدة وبتاع؟

اخونا نور اتعصب، اه عادي يعني دنا مصري ودي خواجاية هندية هوقعها عادي، سهل تحبني يا رجالة دا المصري معروف بجبروته وقوته،

فا واضح ان اللعبة عجبت الهولنديين، فا اتحدوه انه يخليها تحبه ويتجوزوا وراهنوه على ألف قطعة ذهبية، دا مبلغ ضخم يعني ويبين قد ايه هما عارفين انه مفيش امل وعشان كدة بيراهنوا بقلب جامد،

طبعا ضحكهم وتريقتهم دي عصبت اخونا نور سر الدين، وخد الموضوع على صدره، واتحول الموضوع من مجرد اعجاب لقضية اثبات وجودي ورد شرف قدام كل اللي هزأوه واتمسخروا عليه،

نور فضل يفكر، اخليها تحبني ازاي؟ بقا ينطلها، يحاول يساعدها، يستناها بالساعات وهيا ولا هنا، ولا مدياله ريق حلو حتى، نور عمال يتعصب ويهدي في نفسه ويحاول من غير اي زهق ولا ملل، بيظهرلها كتير ويضحك ويحاول يفتح مواضيع وهيا ولا هنا، كرفتله وعالفرندزون عدل يا نور،

نور ييأس؟ لا طبعا دا مصري يا حبي.

هوا بس لما لقى ان مفيش منها رجا، وانها مش شايفاه اساسا ومفيش امل الموضوع ييجي منها، راح محول وجهته على ابوها، وزي اي مصري عارف ان البيوت تأتي من ابوابها والحلال مفيش اجمل منه وبتاع، قام رايح لأبوها زعيم القبيلة شانداكين بنفسه، بس هوا بردو مش غشيم هوا عارف نظام القبائل دي، عشان تفوز بقلب البنت لازم تقنع الزعيم انك تستحقها،

فا راح للزعيم شانداكين، وقعد تحت رجليه وقاله انا خدامك، اعتبرني واحد منكوا، عايز اعيش وسطكوا، جربني ومش هتندم، واهي فرصة نتعرف على بعض اكتر،

وبالمحلسة والمسايسة، قدر يقنع شانداكين انه يجربه وياخده معاه رحلة صيد من رحلاتهم الصعبة او المستحيلة، وفعلا اقتنع شانداكين وخده وطلعوا في رحلة صيد برية من اللي هيا بيدهنوا فيها وشهم دي وبيصطادوا بالسهام،

راح نور سر الدين مع شانداكين للبرية، في رحلة صيد صعبة مليانة جبال وامطار وتخفي ومخاطر استمرت ٦ شهور كاملين، في ال٦ شهور دول حاول نور سر الدين انه يقنع الزعيم شانداكين انه شجاع واخلاقه نبيلة ومحل ثقة، وشانداكين اتخدع فيه وبدأ يثق فيه اصله راجل طيب يعني، وكان كل شوية يحاول يثبتله الشجاعة وطيبة القلب والاخلاق ويحاول بشكل غير مباشر انه يرميله ميله للفوز بقلب بنته لوتوانا، وشانداكين كان بيصده بأدب،

اخر ما زهق نور سر الدين بعد رحلة الصيد دي وبعد ما حاول بكل الطرق الغير مباشرة واللف والدوران وفشل، الچين المصري طلع أخيرا، وصارح شانداكين صراحة كدة انه عايز يتجوز بنته ، عايز اتجوز بنتك يا حج شاندا ..

شانداكين بكل هدوء وأدب قاله انه مينفعش نهائي، لأن بنته مربوطة بخطبة من زعيم الموهوك، وانه حتى لو وافق، مش هينفع يرجع في كلمته والا هتصيبه لعنة وسحر القبيلة وكدة.

نور سر الدين اتعصب، وعينيه قلبت، وحس انه خد على قفاه بعد كل ده، وازاي اترفض وبتاع، وصوته بدأ يعلى عالزعيم قدام افراد القبيلة، وراح ناطط عليه وحاول يتهجم عالراجل بالضرب، اتهور يعني، ورجالة القبيلة راحوا مصدرين الحراب والسهام وكانوا هيموتوه،

لكن شانداكين لانه زعيم طيب وحكيم، مبادلوش العصبية دي، ومنع عنه افراد القبيلة انهم يقتلوه لكن أمرهم بكل الحب انهم يرموه برة القبيلة وانه محظور عليه يعتبها تاني، وفعلا رموه بره وهوا بيشتم ويتوعد بالانتقام .

رجع نور سر الدين وقعد لوحده وهوا مش طايق نفسه، وعايز ياخد بتاره بأي طريقة، وتعدي الايام، وفرح لوتوانا بيقرب، ونور سر الدين شايل في نفسه وبيفكر ينتقم منهم ازاي، لحد ما هداه تفكيره انه يقتل لوتوانا اللي فرحانين بيها دي،

نزل عالمستعمرة ودور على الخدم اللي بيبيعوا حاجات ومستلزمات وكدة، وميّل عليه انه يجيبله ناب تعبان مسموم، وفعلا اشتراه منه، وخد ناب التعبان وربطه بحبل جوا علبة تبان كأنها علبة هدايا، ربط السن لفوق بحيث ان اللي يفتح الصندوق الناب يغرز في جلده فالسم يخش دمه ويتسمم ويموت، ودهن الحبل بشوية سموم كمان عشان يأدوا الغرض، ولف العلبة كويس وقرر ينفذ الخطة اللي رسمها جواه،

راح نور سر الدين على باب القبيلة ليلة فرح ليتوانا على زعيم الموهوك، وكانت لابسة ومتجهزة والاحتفالات اللي قبل الفرح بيوم دي شغالة طبول وبتاع،

جه عالباب وهما بيمنعوه من الدخول اتمسكن، وعايز اقابل الزعيم وكدة، فا جاله شانداكين يشوف عايز ايه، راح نور سر الدين مثّل انه متأثر وندمان وانه زعلان من نفسه عشان اللي عملته معاك يا زعيم وعايزك تسامحني وانا غلطان وكدة، ويا رب نفتح صفحة جديدة ومنكرهش بعض،

طبعا شانداكين زعيم حكيم، وقلبه طيب، فا راح مبتسم وقابله بإبتسامة وقال بصوت عالي اهلا برجوع إبننا المصري ولولولولي والحاجات دي، واحتفوا بيه والويلكم درينك وصباح الفل،

بعدها، راح رايح للأميرة ليتوانا ومعتذرلها وانا اسف عاللي عملته وألف ألف مبروك وانا غلطان وعايزين نبقا اخوات، فالأميرة ابتسمت وقالتله ولا يهمك،

راح نور سر الدين مطلع علبة الهدايا وقدمها لليتوانا وقالها عربون محبة يعني وصفحة جديدة ودي هدية بمناسبة جوازك،

البنت فرحت وابتسمتله وشكرته، ومسكت العلبة وجت تفتحها، هوووب السن شبط في ايديها، والسم دخل في عروقها ودمها، ووقعت على الارض بتفرفر، ونور سر الدين هرب وهوا بيضحك بجنون، اخيرا خدت حقي يا عيلة زبالة،

شانداكين شاف المنظر وجري على بنته وعرف انها حركة غدر من نور، حاول انه يشفط السم من ايديها ورجالة القبيلة اتجمعوا وحاولوا ينقذوها، لكنها كانت سلمت روحها لخالقها، وماتت ليتوانا على صريخ ابوها الزعيم،

بيبصوا بقا حواليهم عشان يدوروا على المصري اللي خدعهم وقتل بنتهم، ملاقوهوش، نور كان غفّلهم في الاول وسرق حصان منهم وهرب بيه وهما متلغفنين،

الزعيم شانداكين بقا اتعصب، وأمر ٢٠ من اشد المحاربين في القبيلة انهم ياخدوا الحصنة ويجروا وراه يطاردوه ويجيبوه حي، لازم يتجاب حي يا محاربين، لازم اشوفه وهوا بيموت قدامي، مش هدفن لوتوانا الا لما تجيبوه،

المحاربين خدوا الحصنة وجريوا وراه في الطريق اللي هوا خده، طاردوه الليل كله، وبالاختصارات اللي هما حافظينها قربوا منه وسمعوا صوته وهوا كان بيجري بالحصان وهما وراه، فضلت المطاردة العنيفة دي شغالة بيحاولوا يجيبوه وهوا بيجري بأقصى سرعته بيحاول يهرب وهما وراه بكل طاقتهم، بيرموا عليه حرابهم واسهمهم وبيحاولوا يوقفوه على ضوء القمر، وهوا كان خلاص هيهرب، لحد ما حصانه خد سهم في رجله واتكعبل ووقع بيه، واول ما وقع هجموا عليه ورقدوه،

راحوا رابطينه من ايديه ورجله زي الصيدة على خشبة، وشالوه وخدوه معاهم القبيلة، واول ما دخلوا بيه القبيلة هللت والطبول اتعزفت وراح رجالة القبيلة مجمعين خشب كتير وولعوا نار في الخشب، وعرف نور سر الدين انه اتحكم عليه بالإعدام حرقا،

وفعلا، في نفس الليلة، وسط الرقص والتهليل، اترمى نور سر الدين في النار، والقبيلة كلها بزعيمها شانداكين اللي في يوم من الايام وثق فيه كانوا بيتفرجوا على جسمه والنار بتاكلها وصريخه اللي جايب آخر القبيلة، وفرحوا انهم انتقموا لبنتهم،

تاني يوم، دفنوا بنتهم لوتوانا، وكان رماد نور سر الدين تطاير مع الرياح للأبد، واختفت رفاته اللي اتحولت لنثرات طارت في الهوا، وخلصت قصة اول مصري يحط رجله على ارض أمريكا في العصر الحديث،

قصة غريبة، تدل على تأثير المصريين في كل حضارة في التاريخ، وهي قصة نادرة عن حد عربي كان ليه علاقة بنشأة أمريكا يعني، وده أغرب، وكمان عن الچين المصري في التعامل اللي كان المرادي ضد قبيلة هندية ومستعمرين هولنديين، في زمن المماليك والعثمانيين يعني قديم الأزل .

طبعا القصة الغريبة دي حقيقية ومن قصص التراث يعني، واتقالت على لسان المستعمرين الهولنديين وقتها واتجمعت ضمن قصص كتير في الكتاب اللي بيحكي تاريخ أمريكا في عصور النشأة القديمة

ملحوظة : لاحظوا ان اسمه نور سر الدين وهو اسم غريب على مسامعكوا، لكن الوقت ده كانت الاسامي الدارجة كتخدا وطومان باي وحاجات اغرب فا متستغربوش يعني .

ليه بقا قصة زي دي متتعملش فيلم؟؟

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *