Share Button

بقلم د. دعاء الهادي حسونة
كتب : محمودحسن محمود

إنعاش قلب!

يوم كأي يوم ، أصحو من نومي علي صوت العصافير فهم صوت المنبه الحنون الذي يُقظني بعد صوت زوجتي رحمة الله عليها ، التي تركتني أحيا وحدتي منذ سنوات ، في أيامٍ كثيرة أُفتح عيناي علي صياحهما معاً داخل القفص فأبتسم فشجار المتحابين كحلاوة الحب فهو دَلال وقليل من الملح يعادل حلاوته . هكذا يومي يبدأ مع همسات الفجر وصوت الذكر لأستمتع بشروق الشمس؛ فأنا كائن نهاري، يهوي لحظة بزوغ الشمس وصعودها تدريجياً في السماء. آه من جمال الفاتنة وهي تتلون في السماء بفتنتها الطاغية متألقة، دافئة ، حتي تُسحرنا بلون الذهب.
كفاني تأملاً في معشوقتي فسأفقد لحظات تصفحي للجريدة قبل ذهابي إلى عملي في الجامعة.
إرتديت ملابسي كعادتي وبدأت اليوم وككل يوم في إلقاء تحية الصباح علي عم حسين البواب ووجدت سائقي في إنتظاري، وكالعادة في صمت تام فهو يعلم تمام العلم أني لا أحب أي أحاديث جانبيةٍ؛ قد تُعكر صفو قلبي وعقلي في الصباح الباكر.
هكذا اليوم لا يختلف عن بقية الأيام فهو كمثيله من الأيام وكأنهم نُسخ مكررة من بعضها البعض.
وبنفس الروتين اليومي الذي قد تعودت عليه قابلني عم منصور وحمل حقيبتي وتركني ليُحضر قهوتي السادة وتمنيت لو نسيها ليكسر هذا الروتين وأحداثه الذي حفِظته عن ظهر قلب. أيقظتني طرقات الباب من صمتي الحاد ودخلت نور وهي بالفعل نور علي نور ، تبدلت ملامحي وانفرجت أسارير وجهي وكأنه الشروق الثاني لصباح هذا اليوم. نور هي تلميذتي النجيبة وقد درستها أربع سنوات كاملة مادة الفلسفة .
أقبلت علي وقالت صباح الخير أستاذي ، أجبتها صباح الخير يا نور وسألتها عن حالها ؟ إبتسمت في حياءٍ معهود، وشكرت لي سؤالي فاليوم آخر يوم لدفعتهم في الجامعة بعد أن فرغوا من إختبارات السنة النهائية.
لم أشعر منذ سنوات بسعادةٍ، كهذه تملكت مشاعري حتي لم أعد أسبطر علي صوت خفقان قلبي الذي علت دقاته وكدت أشعر أنها تسمعه.
وبعد لحظة من الصمت ثانية كدت أشعر كأنها دهر فقد كان شوقي لصوتها يريد قتل الصمت.
أستاذى ؟ وأصغيت لها بروحي، نعم يا نور إتفضلي عاوزة حاجة؟ وتخيلت في لحظةٍ جنونية أنها ستقول ما تمنيت سماعهِ منها ؟ وقطع حديث نَفسى صوتها العذب وبعد أن غمر وجهها سحابة وردية زادتها رونقاً وجمالاً . ومدت يدها وقالت : يُشرفني حضور حضرتك حفل خطوبتي بكرة أنا وأحمد إبراهيم زميلنا تخرج العام الماضي؛ حضرتك عارفه وحضرتك أول المدعوين؛ أستاذى لن تكتمل فرحتنا بدونك.
للحظات جربت صمتاً وخفقان قلبٍ من نوع آخر واستجمعت قوتي ونطقت بكلمات متلعثمة وبجفاف حلقٍ مفاجئ ، مبتسماً عن دون رغبة، وباركت لها متمنياً لهما حياة سعيدة !
. غادرت الغرفة وأنهار بنياني علي كرسي المكتب والمفاجأة عصفت بي وتلاطمت مع أموج مشاعري الفياضة التي كانت تعتريني.
في لحظةٍ تمنيت لو لم تُشرق شمس هذا اليوم ولم أسمع تلك الكلمات وكأن روتيني كان نعمة من الله علي لم أشعر بها !
تمنيت فقط لو نطقت بكلمة، بحبك ،التي سجنتها بين شفتي وحلقي ، تتردد حروفها في إستحياء من حرف الباء حتي الكاف ؛ لم أدرك أن حروفها صعبة النطق وكُتب علي أن أحفظها حروف داخلي بلا صوت تسمعه هي.
بحبك ؛ كانت خُلماً وسيظل دوماً ، علو لصوت عقلي وفي لحظاتٍ تمنيتها ، وقد كانت إنعاش قلب .

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *