Share Button
الحقوق والحرمات فى خطبة الوداع ” الجزء العاشر”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء العاشر مع الحقوق والحرمات فى خطبة الوداع، وأن الحج مشهد يوحي بأكمل معاني النصر والظفر، ويجسد صورة رائعة، تحكي لنا بأن الزمن وإن طال، فإن الغلبة لأولياء الله المخلصين وجنده وحزبه المفلحين، مهما حوربت الدعوة وضيق عليها، وسامها الأعداء ألوان العداء والاضطهاد، فإن العاقبة للحق ولأهل الحق العاملين المصلحين, فقال تعالي فى سورة البقرة” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب” وقد سار ذلكم الركب المبارك يدوس الأرض، التي عذب من عذب فيها، وسحب على رمضائها مَن سُحب.
ساروا يمرون على مواضع لم تزل ولن تزال عالقة في ذكراهم، ذاقوا فيها ألوان العذاب والقهر والعنت، سار صل الله عليه وسلم ليدخل المسجد الحرام الذي لطالما استقسم فيه بالأزلام، وعبدت فيه الأصنام، دخله طاهرا نقيا، تردد أركانه وجنباته لا إله إلا الله، ورجع الصدى من جبال بكة ينادي” لبيك اللهم لبيك” وسميت هذه الحجة حجة الوداع لأنه صل الله عليه وسلم ودع الناس فيها وتوفي بعدها بقليل، وقد خطبهم صل الله عليه وسلم بعد الظهر في الغد من يوم النحر وهو علي ناقته القصواء في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة وقد نزل فيه الوحي مبشرا أنه “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” فاتقوا الله تعالى وأطيعوه.
واقدروا هذه الأيام قدرها، واعمروها بأنواع الطاعات فإنها أفضل أيام العام، والعمل الصالح فيها أفضل من مثله في غيرها ومما شرع الله تعالى لكم في هذا العيد الكبير الذي ننتظره بعد أيام إنهار دم الضحايا قربة لله تعالى وتعظيما له فهي منه وإليه، وتذبح باسمه سبحانه، وفي الزمن الذي اختاره عز وجل لذبحها، وعظموا الله تعالى في أيام العيد ولياليه كما تعظمونه في العشر وفي رمضان فإن عيد النحر أفضل الأيام عند الله تعالى، وهو يوم الحج الأكبر، وفيه تراق الدماء تعظيما لله تعالى وتوحيدا وعبادة وتقربا، فلا يليق أن تقابل نعم الله تعالى العظيمة من هداية وأمن ورخاء ودلالة على العيد والمناسك والأضاحي والانتفاع بها بالمنكرات، نعم والله لا يليق أن تقابل نعم الله تعالى بالمنكرات.
ولا أن يبارز سبحانه وتعالى بالمعاصي في العيد الكبير، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستشعروا عظمة هذه الأيام، وفضيلة الأعمال الصالحة فيها فهي مقدمة العيد الكبير، وهي أيام الذكر والعبادة، وذكر الله تعالى إعلان بتوحيده سبحانه، فإنكم في أيام عظيمة تستقبلون فيها يوم عرفة ويشرع صيامه لمن لم يكن بعرفة محرما بالحج، وصومه يكفر سنتين، وبعده يوم النحر، وقد شرع الله تعالى فيه إراقة دماء بهيمة الأنعام تقربا لله تعالى بهذه العبادة العظيمة فقال تعالى “فصلى لربك وانحر” وقد ذكر جمع من السلف أنها صلاة العيد يوم النحر ثم التقرب لله تعالى بالضحايا، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة أن يذبح أضحيته بيده ليباشر هذه العبادة العظيمة بنفسه.
والعلماء يستحبون ذلك، فقال أبو إسحاق كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يذبحون ضحاياهم بأيديهم، وقال الإمام مالك وذلك من التواضع لله تعالى وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وقد كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يأمر بناته أن يذبحن نسكهن بأيديهن” وكلوا من ضحاياكم وتصدقوا وأهدوا، وأخلصوا في أعمالكم لله تعالى، ويتسابق الجميع في العيد على صلة الرحم، وتحقيق معاني الترابط الأسري فتقول سيدة “في العيد أشعر بسعادة بالغة حيث نجتمع جميعا، ويوجد جميع إخوتي وأخواتي، وأزواجنا وزوجات إخوتي، ويكون اجتماعا رائعا بين الإخوة والأصهار، وتتكاتف الأخوات وزوجات الإخوة لتحضير مائدة الغداء، وما يتبعها من حلوى شهية، ونسعد جميعا بوجود كل الأطفال من الأحفاد بين أحضاننا وهم يلعبون سويا”
قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏
تعليق واحد
أعجبني

تعليق
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *