Share Button

العين من أعظم أسرار قدرة الخالق

بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى 

إن خَلق العين من أعظم أسرار قدرة الخالق سبحانه وتعالى فهي برغم صغرها بالنسبة إلى كل المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيه من سماوات وأراضٍ وبحار وجبال وأنهار وأشجار وكل المخلوقات.

 

وقال أحد المجاهدين فى الاسلام خرجنا في سرية إلى أرض الروم فصحبنا شابا لم يكن فينا أقرأَ للقرآن منه، ولا أفقهَ ولا أفرضَ، كان صائما للنهار، قائما لليل، فمررنا بحصن فمال عنه العسكر، ثم نزل الشاب بقرب حصن من الحصون، فظننا أنه قد ذهب يقضي حاجته، لكنه وبينا هو في الطريق إذ نظر إلى امرأة من اهل الروم تنظر من وراء الحصون، فعشقها وتعلق بها، ثم قال لها بالرومية: كيف السبيل إليك؟ قالت: لا سبيل إلا بدخولك ديننا فإذا دخلت ديننا فُتح لك الباب ثم أكون بانتظارك .

 

فترك الشاب الاسلام ودخل دينهم الشاب، ثم طرق الحصن فأُدخل!.

ثم قال فقضينا غزاتنا في أشدِّ ما يكون من الغمِّ حَزَنا، كيف لا نحزن وهذي خطى قد تنكبت السبيل، كأن كل رجل منا يرى أن ذلك هو ولده من صلبه!.

 

ثم يقول ورجعنا من السرية ونحن لم يكن لنا ذكر إلا ذلك الشاب! وكيف أنه زاغ بعدما اهتدى! وضل بعدما رشد! أصابنا هم شديد! وجَهْد عتي؟!.

وكيف لشاب كان أعلمَنا وأرشدَنا وأفقهَنا أن يَضِل! وقد ناديناه من وراء الحصون: “يا فلان اتق الله وارجع!”.

فقلنا: يا فلان ما فعلت قراءتك؟ ما فعل قيامك؟ ما فعلت صلواتك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعلت آيات ربك في قلبك؟!

 

فقال: “اعلموا أني نسيت القرآن كله! ما أذكر منه إلا هذه الآية: ﴿ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر: 2، 3].

 

 

 

فمباح لك أن تنظر إلى وردة جميلة وأن تمتع بها عينيك، مباح أن تنظر إلى شجرة باسقة نظرة اللون تمتع بها عينيك، مباح أن تنظر إلى منظر طبيعي خلاب تمتع به عينيك، ولكن النظر إلى هذه الأشياء الجميلة شيء والنظر إلى امرأة لا تحل لك أو إلى غلام جميل بقصد الشهوة فهذا شيء آخر محرم في شرع الله.

 

لأن هذا النظر قد ينتهي إلى الزنا وينتهي إلى اختلاط الأنساب وينتهي إلى تقويض الأسرة وينتهي إلى ضياع المجتمع وينتهي إلى الجناية وينتهي إلى الشقاء الزوجي.

والنظر الحرام: بريد الزنا! وقرين الفواحش! وأحبولة الشيطان! وخطى المهالك!

 

فكم نظرة منعت من توفيق؟! كم نظرة منعت من خير؟! كم نظرة جرت إلى معصية؟! كم نظرة جرت كبيرة؟! بل كم نظرة جرت إلى كفر بالله؟!.

 

وهذه النظرات أردت ذلك المؤذن العابد! حين صَعِدَ المنارة يوما لينادي بالأذان فاطلع على امرأة ففتنته! ثم سئل عن مهرها ليتزوجها! فأجابته قائلة: إن مهري أن تتركَ الأذان! وتدخل ديننا ! فأجاب داعي الكفر بالنظرات!.

 

 

فسقط من سلم له! ثم خر صريعا! ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ 

نظرة محرّمة…نظرة نظرها إلى امرأة لا تحّل له؛ ففُتن بها وترك الأذان، واتبع الشيطان، فتنصر وارتدّ عن الإسلام، ومات على الكفر والظلام.

 

والنظر إلى النساء فتنة عمياء ليس لها من دون الله حامٍ ولا مانع، اللهم اعصمنا منها، يقول أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قال النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) (متفق عليه).

 

فكلما عمّ الفساد.. وأقبلت القنوات بخيلها ورجلها، وطغت الفتن والمغريات، كلما تفلتت الفتيات، كلما فقدت جلباب الحياء، وعظم شأن غض البصر، فإلى عهد قريب كان الفساد في بؤر محصورة.

 

أمّا اليوم فقد غدا الفساد أمام ناظريك، وبين يديك، وعند قدميك، غدت المشاهد الفاضحة في متناول الكبار والصغار، يتصفحها المرء كيف شاء؟ وأين شاء ومتى شاء؟ بل ربما تصفحها وهاجت غريزته في بيوت الله ..

 

وكم أفسد من نفس؟ وكم من نفس جرحها؟ وكم من عبادة أفسدها؟

فالنظر أصل الفتن، وسبب الآفات، يوهم النفس أنه يؤنسها ويسعدها وهو في العذاب والآلام والفواحش والآثام يوقعها.

إنه السهم المسموم الذي يرمي الناظر في قلبه من حيث يشعر أو لا يشعر.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *