Share Button

متابعة /علاء الغرباوي
كان متفوقاً في الثانوية العامة، والأول على دفعته بمدرسته في قرية أبو غنيمة التابعة لمركز سيدي سالم في كفر الشيخ، تمنى أن يلتحق في كلية الطب ليكون عوناً للغلابة ولأبناء قريته، وحينما ظهرت نتيجة الثانوية العامة وأيقن والديه أنه سيلتحق بالطب انطلقت الزغاريد في القرية، إلى أن أنهى دراسته في جامعة الإسكندرية وبدأ مسيرته العملية، تدرج في المناصب ووصل إلى نائب مستشفى صدر المعمورة، وافتتح عيادة في مدينة مطوبس بكفر الشيخ منذ أكثر من عام، لتنتهي رحلته بوفاته متأثراً بفيروس كورونا، داخل الرعاية المركزة بصدر المعمورة.

هو الطبيب أحمد ماضي، الذي توفي متأثراً بإصابته بكورونا أمس، وترك حزناً كبيراً في قلوب من يعرفه ومن لا يعرفه، فهو الطبيب الذي أدمى قلوب المصريين، ونعته وسائل التواصل الاجتماعي بعدما ترك رسالة مؤثرة وهو داخل الرعاية المركزة قبل وفاته بساعات، على الرغم من تحسن حالته عقب تواصل الدكتورة هالة زايد ، وزيرة الصحة، مع وزير الدفاع وتوفير جهاز تنفس له، لكن حدثت انتكاسة فجأة ليتوفى متأثراً داخل الرعاية المركزة.

حزن كبير تركه الطبيب في قلوب الآلاف، لكنه لن يضاهي الحزن الذي تركه في قلوب طفلتيه “سجا وسدرا” البالغتين من العمر 8، و5 سنوات، ربما لا تدرك الصغيرتان ما معنى الموت، ولا معنى عدم وجود والدهما بجوارهما في الوقت الحالي، لكنهما لا تتوقفان عن البكاء منذ أمس.

كما سيطر الحزن على زوجته المهندسة نهلة مجدي، ابنة قريته التي أحبته واختارته زوجاً وأباً، ولا داخل قلوب والديه ولا أشقائه الـ4، حسبما أكد شقيه وليد ماضي: “مش قادرين نستوعب، أحمد كان متفوق في الثانوي والطب وحافظ كتاب الله، وكان من أوائل الناس اللي التحقت بمستشفى العجمي عقب تخصيصه للعزل الصحي”.

بدموع وصوت حزين يتحدث وليد: “كان من أوائل الناس اللي احتفلت بخروج متعافين من الفيروس، أرسل رسالة أمل لعالم كله إننا هنقاوم الفيروس اللعين، وكان مؤمناً بقضاء الله وقدره، واثقاً في النصر، ترك زوجته وطفتليه في الإسكندرية والتحق بالعزل، لإيمانه برسالته الإنسانية، وقبل شهر من الآن أصيب بالفيروس، وعُزل منزلياً لفترة من الزمن، ثم تدهورت حالته فجرى نقله للمستشفى الذي يعمل به، وظل هناك لقرابة الشهر وتحسنت الرئة وكل وظائف الجسم لكن عادت للتدهور وجرى توفير جهاز تنفس خاص له من وزارة الدفاع، إلا أن فوجئنا بوفاته”.

“ماضي”.. أول طبيب يطمئن العالم بحالات الشفاء وظهر في أغنية “جنات وعدوية”: طاقة إيجابية
طالب شقيقه بتكريمه وإطلاق اسمه على المستشفى الذي كان يعمل به أو على معلم داخل قريته أبوغنيمة بسيدي سالم: “كان بالنسبة لي أخ وليس زوج أخت، تعلمت منه الكثير من القيم كان حنوناً على الصغير قبل الكبير، باراً بوالديه وأهل قريته، تحمل المسؤولية في الوقت الذي هرب فيه الكثيرين”، بهذه الكلمات المؤثرة بدأ محمد مجدي، شقيق زوجة الطبيب المتوفي، حديثه لـ” الوطن”: “كان أول طبيب أرسل رسالة طمأنة للعالم بخروج متعافين من مستشفى عزل العجمي، وكان فرحان، ورفض خرج قبل شفاء المرضى، وكان حنون وعطوف ومحبوب من الجميع، وظهر في أغنية محمد عدوية وجنات، وصُدمنا جميعاً وكنا نتعشم في الله أن ينجه لطفلتيه”.

وأضاف محمد: “أن الطبيب الشهيد دفع مصروفات مدارس طفلتيه في إحدى المدارس الخاصة قبل إصابته بأيام قليلة، وكأنه كان يشعر بأن الموت قريب، كان يتحدث دائما أنه لا يخاف منه، وأنه يشعر بقربه، كان سنداً لنا جميعاً ولجميع الفقراء والغلابة، وتحمل مسؤوليته في وقت هرب فيه الكثيرين، ترك طفلتيه وزوجته بمنطقة العصافرة في الإسكندرية لينضم للعزل الصحي، لكن قضاء الله نافذ”.

فيما طالب عدد من أهل قريته بتزيف زوجته المهندسة نهلة مجدي الحاصلة على بكالوريوس هندسة، ولا تعمل بناءً على رغبة زوجها، لكنها الآن في أشد الاحتياج للعمل لتتمكن من تربية طفلتيها.

وتوفى الطبيب الشهيد داخل الرعاية المركزة بمستشفى صدر المعمورة، بعد صراع مع فيروس كورونا.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *