Share Button

بقلم مصطفى سبتة

يــا رفــاق الـسُّـرى إلـى أيـن نـسري
وإلــى أيــن نـحـن نـجري ونـجري
دربـــنـــا غـــائـــمٌ يــغـطّـيـهِ لــيــلٌ
فــكـأنّـا نـسـيـرُ فـــي جـــوفِ قـبـرِ
دربُــنــا وِحــشــةٌ وشـــوكٌ ووحــلٌ
وسِــبـاعٌ حــيــرى، وحــيّـاتُ قــفـرِ
ومــتــاهٌ تــحَــيَّـر الــصَّـمـتُ فــيــهِ
حـيْرةَ الـشكِّ فـي ظـنون “الـمعرّي”
والــــرؤى تـنـبـري كـظـمـآن تــهـوي
حـــول أشــواقِــهِ خــيــالاتُ نــهــرِ
والــدُجـى حـولـنـا كـمـشنقةِ الـعـمرِ
كــــوادي الــشـقـا: كـخـيـماتِ شـــرِِّ
راقــدٌ فــي الـطريقِ يـتّسِد الـصَّمت
ويـــومــي بــألــفِ نــــابٍ، وظُــفــرِ
ذابــــلٌ والــنـجـوم فـــي قـبـضـتيهِ
ذابـــلاتٌ كـالـغـيدِ فـــي كــفِّ أســرِ
يــا رفــاق الـسُّـرى إلــى كـم نـوالي
خَـطـوَنا فــي الـدُّجى إلـى لا مـقرِّ
أقــلــق الـلّـيـلَ والـسُّـكـونَ خُـطـانـا
وخـضّـبْـنـا بـجُـرحِـنـا كـــلَّ صــخـرِ
وغــرسـنـا هـــذا الـطـريـق جـراحـاً
واجـتـنـيـنا الــثـمـارُ حَــبّـاتِ جـمـرِ
فــإلـى كــم نـسـيـر فـــوق دِمـانـا
أيــن أيـن الـقرار هـل نـحنُ نـدري
كُـلُّـنـا فــي الـسُّـرى حـيـارى ولـكـنْ
كُـلُّـنـا فـــي انـتـظـارِ مــيـلادِ فـجـرِ
كُـلُّـنـا فـــي انـتـظـارِ فـجـرٍ حـبـيبٍ
وانـتـظارُ الـحـبيبِ يُـصـبي ويُـغري
يـــا رفـاقـي لـنـا مــع الـفـجرِ وَعْــدٌ
ليتَ شِعري متى يفي؟ ليتَ شِعري
وهُــــنـــا أدرك الـــفــتــورُ قـــوانـــا
وانـتـهى الــزادُ وانـتـهى كُــلُّ ذُخــرِ
ومـضـينا كَـالـطّيفِ نُـصْـغي فَـهـزَّت
ســمْــعـنـا نــغــمـةٌ كـــرنّــاتِ تِـــبــرِ
فـجـرحْـنا الـسّـكـون حــتّـى بـلـغْـنا
بـيـتَ حَـسْنا يـدعونها أُخـت عَـمْرِو
فَـقَـرَتْـنـا لــحـمـاً وحُــسـنـاً شــهـيّـاً
وحــديــثــاً كـــأنّـــهُ ذَوْب ســـحـــرِ
وذهــبــنـا وفـــــي دِمــانــا حـنـيـنٌ
جــائــعٌ يــنـخـرُ الـضُّـلـوعَ ويَــفْـري
وطَـغـى حَـولـنَا مِــن الـسـفحِ مـوجٌ
مِـــن ضـجـيـجٍ كـأنّـهُ هــول حـشـرِ
فــــــإذا قـــريـــةٌ تـــديــرُ ضِـــرابــاَ
وتــريــشُ الـسِّـهـامَ حـيـنـاً وتُــبـري
فـاقـتـربنا نـسـتـكشفُ الأمـــرَ لـكـن
أيُّ كــــشـــفٍ نــحــسُّــهُ أيّ أمــــــرِ
أعــيــنٌ تــقـذفُ الـلّـظـى ونــفـوسٌ
مُـثـخـناتٌ تَـنـسَـلُّ مِــنْ كُــلِّ صــدرِ
وجــسـومٌ حُــمُـرٌ تــنـوشُ جـسـوماً
فــي ثـيـابٍ مِــن الـجـراحاتِ حُـمـرِ
وتــهــزُّ الـخـنـاجـرَ الــحُـمـرَ .. أيـــدٍ
تـرتـمـي كـالـنّـسورِ فــي كُــلِّ نـحـرِ
وانـطـفتْ حَـومَـةُ الـوغى فـاندفعنا
فــــي سُــرانـا نــلـفُّ ذُعـــراً بِــذعـرِ
ورَحَـلْـنا والـلّـيلُ فـي قـبضةِ الأفـقِ
كـــتــابٌ يــــروي أســاطـيـرَ دهــــرِ
وشَــددنـــا جِــراحَــنــا وانـطـلـقـنـا
وكـــأنّـــا نـــشــقُّ تـــيّــارَ بَـــحْــرِ
هـــوَّم الــطّـيـفُ حـولَـنـا فـالـتَـفَتنا
نــحــوَهُ كـالـتـفـاتِ سَــفْــرٍ لِــسـفْـرِ
وسـمـعنا هـمساً مِـن الأمـسِ يـروي
قـصّـة الـفـاتحين مــنَ أهــلِ “بـدرِ”
فـنـصـتْنا لـلـطّـيف إنــصـاتَ صــبٍّ
لــمُــحِـبٍّ يَـــقُــصُّ قِــصّــة هَــجْــرِ
وسـرى فـي الـسكونِ صـوتٌ يُنادي
يــا رفــاقَ الـسُّـرى وأحـبابَ عُـمري
يـا رفـاقي تـثاءبَ الـشرقُ وانـسلّتْ
عـــذارى الـصـبـاحِ مِــنْ كُــلِّ خِــدرِ
والعصافيرُ تنفضُ الريشَ في الوكرِ
وتـنـفـي الـنُّـعـاس مِـــنْ كُـــلِّ وكــرِ
وكـــأنَّ الـشُـعـاعَ أيـــدٍ مِـــنْ الــوردِ
الــمُــنـدَّى تـــهــزُّ أهـــــدابَ زهـــــرِ
وكـــأنَّ الـغُـصـونَ أيـــدي الـنَّـدامى
وشــفــاهَ الــزهــورِ أكــــوابُ خــمـرِ
ومــضَـى سَـيْـرُنـا وقـافـلـةُ الـفَـجْـرِ
تَــصـبُّ الــهـدى عــلـى كُـــلِّ شِــبـرِ
فــــــإذا دربُـــنــا ريـــــاضٌ تُــغَــنّـي
فـي الـسّنا والـهوى زجـاجاتُ عـطرِ
نـحنُ فـي جـدولٍ مـن الـنور يجري
وخُـطـانـا تــدري إلــى أيــنَ تَـجـري

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *