Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

أبو سفيان، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي الأموي وأبو حنظلة الأموي ، ولد في مكة قبل عام الفيل بعشر سنين، وأمه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر .

ومعاوية أمير المؤمنين ابنه، وتزوج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ابنته أم حبيبة بينما كانت مهاجرة في الحبشة، بعد أن مات عنها زوجها ، وأبو سفيان مازال على الشرك، ثم أسلم يوم فتح مكة.

وكان أبو سفيان من أشراف قريش‏ ،‏ وكان تاجرًا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانًا بنفسه، وكانت إليه راية الرؤساء التي تسمى العقاب‏ ،‏ وإذا حميت الحرب اجتمعت قريش فوضعتها بيد الرئيس‏ ،‏ وقيل كان أفضل قريش رأيًا في الجاهلية ثلاثة‏:‏ عتبة، وأبو جهل، وأبو سفيان، فلما أتى الإسلام أدبر في الرأي‏ ،‏ وهو الذي قاد قريشًا كلها يوم أحد .

وكان أبو سفيان في شبابه سيد بني عبد شمس بن عبد مناف، ثم نال سيادة جميع بطون قريش بعد معركة بدر بعد مقتل عتبة بن ربيعة العبشمي و أبو الحكم عمرو بن هشام المخزومي، ثم نال سيادة جميع فروع قبيلة كنانة في معركة أحد وبقي على هذا حتى فتح مكة.

وكان أبوه حرب بن أمية قائد جيوش بني كنانة في حرب الفجار ضد قبائل قيس عيلان وهو أول من كتب باللغة العربية، وأخته هي أم جميل أروى بنت حرب التي ذكرت في القرآن الكريم بوصف حمالة الحطب، وابنته هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان وزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه معاوية بن أبي سفيان هو أول خلفاء الدولة الأموية.

وجاء إسلام أبي سفيان زعيم قريش الأول والأبرز في ظروف ضعفٍ مُني بها كفار قريشٍ بعد إظهار الله تعالى لدينه إذ أسلم حينما لقي جيش المسلمين متوجهًا إلى مكة لفتحها على يد العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما ، إذ أرسله قومه مع حكيم بن حزام وبُديل بن ورقاء لجمع أخبار جيش النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

فأسلموا جميعهم حين رأوا قوة المسلمين وعددهم وأنه سيصعب على قريشٍ الصمود في وجه هذا الجيش، ثمّ أخذ العباس رضي الله عنه أبا سفيانٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم كي يأخذ منه الأمان على نفسه وأهله، وبإسلامه ضمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، انهيار معنويّات كفار قريشٍ وزعزعة ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على مواجهة المسلمين مما يضمن استسلامهم دون قتالٍ أو مقاومة .

ولا ننسى في يوم أُحد كان أبو سفيان بن حرب هو الذي قاد قريشًا كلها يوم أُحد، ولم يكن بأعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة الجيش وتنظيمه، لكن أبا سفيان استطاع أن يجند عددًا كبيرًا من قريش، فكانت عدتهم 3000، فيهم 700 دارع، ومعهم 200 فرس.

وموقف آخر مع زيد بن الدثنة ، إذ اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قَدِمَ ليُقتل: أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك ، قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي ، فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا.

ولما نزل رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بمَرّ الظَّهْران، قال العباس: واصباح قريش ، والله لئن دخل رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، مكة عنوة قبل أن يستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. قال: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك .

فقلت: لعلِّي ألقى بعض الحطّابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة ، فقال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانًا ولا عسكرًا.

قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حَمَشَتْهَا الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها ، قال: فعرفت صوته فقلت: يا أبا حنظلة ، فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان ، هذا رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الناس، واصباح قريش والله ، قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟

قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربَنَّ عنقك، فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فأستأمنه لك ، قال: فركب خلفي ورجع صاحباه، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

قالوا: عم رسول الله على بغلته ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان عدو الله ، الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد ، ثم خرج يشتد نحو رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه.

فقلت: يا رسول الله، إني أجرته ، ثم جلست إلى رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فأخذت برأسه فقلت: لا والله، لا يناجيه الليلة رجل دوني ، قال: فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلاً يا عمر، أما والله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف.

فقال: مهلاً يا عباس، والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إليَّ من إسلام أبي لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبّ إلى رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب. فقال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “اذهب به إلى رحلك يا عباس، فإذا أصبحت فأتني به”.

فذهبت به إلى رحلي فبات عندي، فلما أصبح غدوت به على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه رسول الله قال “ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأنِ لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: بأبي أنت وأمي، ما أكرمك وأحلمك وأوصلك ، لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا.

قال: “ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال: بأبي وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ، هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن. قال العباس: ويحك يا أبا سفيان ، أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن يُضرب عنقك ، قال: فشهد شهادة الحق وأسلم.

وكانت راية رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بيد سعد بن عبادة رضى الله عنه يوم الفتح، فمر بها على أبي سفيان، وكان أبو سفيان قد أسلم، فقال له سعد : اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا.

فلما مر رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في كتيبة من الأنصار، ناداه أبو سفيان : يا رسول الله، أمرت بقتل قومك، زعم سعد أنه قاتلنا ، وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما: يا رسول الله، ما نأمن سعدًا أن تكون منه صولة في قريش.

فقال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشًا” فأخذ رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم اللواء من سعد، وأعطاه ابنه قيسًا.

وقد شهد أبو سفيان الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حنينًا، وأبلى فيها بلاءً حسنًا، وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى انصرف الناس إليه.

ولما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح ، لما أوقعت قريش بخزاعة ونقضوا عهد رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالت: “أنت مشرك”.

وكانت زوجاته سبعه من النساء وهم ، صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وأنجبت له حنظلة وهو بكره وكذلك أم المؤمنين أم حبيبة و أميمة ، وزوجته أيضا هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، وأنجبت له معاوية و عتبة و جويرية و أم الحكم.

وزوجته زينب بنت نوفل بن خلف بن قوالة بن جذيمة بن علقمة وأنجبت له يزيد ، وزوجته أيضا عاتكة بنت أبي أزيهر بن أنيس بن الخيسق بن مالك بن سعد ، وأنجبت له محمد و عنبسة.

وزوجته أيضا صفية بنت أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وأنجبت له عمرو وعمر و صخرة و هند و أمينة ، وزوجته أيضا ، أمامة بنت سفيان بن وهب بن الأشيم، وأنجبت له رملة الصغرى ، وزوجته أيضا لبابة بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وأنجبت له ميمونة.

وبعد أن أسلم أبو سفيان بن حرب في فتح مكة المكرمة، شارك أو سفيان مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، في غزوات عدَّة، من بينها غزوة حنين، وكان عمره ما يقارب السبعين عامًا، وكان يقاتل بكلِّ بسالة إلى جوار رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

ويحسب له موقف عظيم من غزوة حنين، ففي هذه الغزوة كان المشركون قد نصبوا كمينًا للمسلمين، وبدؤوا برشقهم بالسهام، ففر قسم كبير من المسلمين، ولكنَّ أبا سفيان كان من الرجال الثابتين في المعركة الذي وقفوا إلى جانب رسول الله في ذلك الموقف .

وقد شهد أبو سفيان غزوة الطائف وفيها فقد عينه، وخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن يدعو ربه ليردها له، وبين عين في الجنة، وكانت عينه في يده فرماها وقال: بل عين في الجنة.

وشهد غزوة حنين، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى يوم حنين (استولى على) ستة آلاف بين غلام وامرأة فجعل عليهم أبا سفيان بن حرب ، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين غنائم كثيرة فأعطى أبا سفيان مائة بعير وأربعين أوقية من الفضة .

وأعطى ابنه معاوية مثل ذلك، ويزيد مثل ذلك أيضاً فقال أبو سفيان: إنك لكريم فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيراً.

وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان عامله على نجران، وقد علاه عمر يوماً بالدرة (شيء كالعصا) فضربه، فغضبت هند، فقال عمر: ولكن الله رفع بالإسلام قوماً ووضع به آخرين، كما أمره عمر أن ينقل الحجارة التي سد بها مجرى السيل بنفسه ففعل، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل عمر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه.

وشهد أبو سفيان ، اليرموك تحت قيادة ابنه يزيد، وفيها فقد عينه الثانية ، وكان قاضي الجماعة يوم اليرموك يسير فيهم ويقول: الله الله، عباد الله، انصروا الله ينصركم، اللهم هذا يوم من أيامك،اللهم أنزل نصرك على عبادك ، وتوفي سنة 31 هجريه ، وصلى عليه عثمان بن عفان ، وكان عمره 88 سنة‏.‏

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *