Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

ونكمل الحديث فى الجزء الثالث عن الخليفه عبد الرحمن الداخل وهو صقر قريش، وقد وقفنا مع صميل بن حاتم، وكان بعد أن انهزمت تلك الحملة أمام البربر، فر في صحبة بلج بن بشر القشيري إلى الأندلس، ثم أصبح بعد فترة زعيمًا لقبائل مضر في الأندلس، ثم أصبح بعد فترة زعيما لقبائل مضر في الأندلس، وكان بمثابة الوزير ليوسف بن عبد الرحمن الفهري حيث ولاه سرقسطة ثم طليطلة، وقد قاتل الصميل مع يوسف الفهري عبد الرحمن الداخل عندما طالب بحكم الأندلس في موقعة المصارة عام مائه وثمانيه وثلاثين من الهجره، وبعد هزيمة يوسف والصميل في تلك المعركة، فرا منه، ثم تصالحا على أن يجاوروه في قرطبة، ولما تمرد عليه يوسف مرة اخرى عام مائه وواحد وأربعين من الهجره.

فقد سجن عبد الرحمن الداخل الصميل، وبعد أن فشل تمرد يوسف الفهري ومقتله، دس عبد الرحمن الداخل من خنق الصميل في محبسه عام مائه واثنين وأربعين من الهجره، ونكمل مع الصميل، فعندما عرض بدر رسالة عبد الرحمن على أبي عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد وأبي الحجاج يوسف بن بخت زعماء موالي بني أمية في الأندلس، فأجابوه، وعرضوا الأمر على الصميل بن حاتم وكان من زعماء المضرية، غير أن الصميل خشي على نفوذه من مجيء عبد الرحمن، فاستقر على ألا يجيبه، وكان الأندلس حينئذ يغلي بسبب النزاعات المتواصلة بين القبائل المضرية واليمانية، فوافقت دعوة عبد الرحمن رغبة اليمانية المدفوعين بالرغبة في الثأر لهزيمتهم أمام الفهرية والقيسية في موقعة شقندة.

فاحتشدوا لنصرة عبد الرحمن، ثم أرسل زعماء الموالي مركبًا تعبر به إلى الأندلس، فوصل إلى ثغر المنكب في ربيع الثاني سنة مائه وثمانيه وثلاثين من الهجره، وبعد أن دخل عبد الرحمن الأندلس أتاه أبو عثمان وعبد الله بن خالد، وسارا به إلى حصن طرش منزل أبي عثمان التي أصبحت مركزا لتجمع أنصاره، وقد بلغ الخبر يوسف الفهري بوصول عبد الرحمن وتجمع الناس حوله، وعدم قدرة عامله على إلبيرة على تفريقهم، فنصح الصميل يوسف بوجوب التوجه فورًا لملاقاة عبد الرحمن، فجمع يوسف جيشه، وقد علم عبد الرحمن بمسير جيش يوسف، فتحرك بجيشه وأخضع كافة المدن في طريقه حتى إشبيلية التي استولى عليها وبايعه أهلها، فتجمع له ثلاثة آلاف مقاتل.

ثم حاول مباغتة يوسف الفهري، ومهاجمة قرطبة ليستولي عليها، والتقيا في موضع يبعد عن قرطبة نحو خمسه وأربعين ميلاً لا يفصلهما إلا النهر، وقد حاول يوسف أن يغري عبد الرحمن لينصرف بجنده، بأن وعده بالمال وبأن يزوجه من إحدى بناته، إلا أن عبد الرحمن رفض، وأسر خالد بن يزيد أحد رسل يوسف، لإغلاظه له القول، وفي الليل، حاول عبد الرحمن أن يسبق بجنده جيش يوسف خلسة إلى قرطبة، وقد علم بذاك يوسف فسار الجيشان بمحاذاة النهر صوب قرطبة، إلى أن انحسر الماء عند المصارة يوم الأضحى العاشر من ذي الحجة لعام مائه وثمانيه وثلاثين من الهجره، فعبر جيش عبد الرحمن ودارت المعركة التي انتهت بنصر عبد الرحمن.

وخلال المعركة أشيع بين الجنود أن عبد الرحمن يركب جوادًا سريعًا للفرار به وقت الهزيمة، فلما بلغ عبد الرحمن هذا الكلام ترك فرسه في الحال وقال: إن فرسي قلق لا يتمكن معه الرمي، ثم ركب بغلاً ضعيفًا كي يقنع جنوده بأنه لن يولي ظهره للأعداء، وبعد انتصاره، دخل عبد الرحمن إلى قرطبة، وأدى الصلاة في مسجدها الجامع حيث بايعه أهلها على الطاعة، وبعد هزيمة يوسف الفهري والصميل وفرارهما من موقعة المصارة، توجه يوسف إلى طليطلة وحشد منها ما استطاع من أنصاره بمساعدة عامله عليها هشام بن عروة الفهري، وتوجه الصميل إلى جيان، وجمع فيها أنصاره ومؤيديه، وطليطه هى مدينة إسبانية تقع على بعد خمسه وسبعين كيلومتراً جنوب العاصمة الإسبانية مدريد.

ومدينة طليطلة هي عاصمة مقاطعة طليطلة ومنطقة قشتالة لا منتشا في وسط إسبانيا، والمدينة تقع على مرتفع منيع تحيط به أودية عميقة وأجراف عميقة، تتدفق فيها مياه نهر تاجه، ويحيط وادي تاجة بطليطلة من ثلاث جهات مساهما بذلك في حصانتها ومنعتها، وطليطلة مدينة قديمة للغاية، ويغلب أنها بنيت في زمن الإغريق، وقد ازدهرت في عهد الرومان، فحصنوها بالأسوار، وأقاموا فيها المسرح والجسر العظيم، وبلغت طليطلة ذروتها في عصر الخلافة الإسلامية عندما كانت جميلة، مزيج من الفن والعلم، وكانت تعرف في القرون الوسطى باسم مدينة التسامح حيث كان يتعايش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون ويرجع اسم المدينة إلى العهد الروماني.

حيث كان يطلق عليها اسم توليدو وتعني بالرومانية المدينة المحصنة، وقد اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لإسبانيا، حيث كانت مدينة أندلسية عريقة في القدم، واسم طليطلة تعريب للاسم اللاتيني توليدوث وكان العرب يسمون طليطلة مدينة الأملاك لأنها كانت عاصمة مملكة القوط، وأما عن جيان فهى هي مقاطعة إسبانية وتقع في جنوب الدولة، وهى تقع ضمن حدود منطقة أندلوسيا، وعاصمتها هي مدينة جيّان، وتنقسم المقاطعة إلى سبعه وتسعين بلدية، ثم اجتمعت القوتان وتوجهتا إلى إلبيرة، وكانت خطتهما أن يجذبا عبد الرحمن من قرطبة إلى جيان لقتالهما، ثم يذهب عبد الرحمن بن يوسف الفهري ليحتل قصر الإمارة في قرطبة.

وبالفعل عندما علم عبد الرحمن الداخل باجتماعهما توجه إليهما سنة مائه وتسعه وثلاثين من الهجره، بعد أن ترك قوة صغيرة لحماية قرطبة بقيادة أبي عثمان، لكنه ما أن ابتعد قليلاً حتى هاجم عبد الرحمن بن يوسف الفهري قرطبة واحتل قصر الإمارة، وأسر أبا عثمان وكبله بالأغلال، وعندما علم عبد الرحمن الداخل بما حل بقرطبة عاد مسرعًا إلى قرطبة، ففر ابن يوسف الفهري إلى أبيه في إلبيرة ومعه أبو عثمان، عندئذ، غادر عبد الرحمن الداخل قرطبة، وتوجه إلى الصميل ويوسف في إلبيرة وحاصرهما، فطلبا الصلح على أن يعترفا بإمارته، ولا ينازعاه فيها، وأن يؤمنهما على النفس والمال والأهل، وأن يؤمن حلفاءهما وأعوانهما ويسمح لهما بسكنى قرطبة تحت رعايته ورقابته.

وقد قبل عبد الرحمن على أن يقدم يوسف ولديه عبد الرحمن وأبي الأسود محمد رهينتين عنده يعتقلهما في قصر قرطبة كضمان للوفاء بعهده، وأن يفرج عبد الرحمن الداخل عن خالد بن زيد أحد قادة يوسف الفهري في مقابل أن يفرج يوسف عن أبي عثمان، وتم الصلح بين الفريقين عام مائه وأربعين من الهجره، وقد فل يوسف والصميل مع عبد الرحمن الداخل إلى قرطبة وانفض جندهما، ونزل يوسف بشرقي قرطبة في قصر الحر الثقفي، ونزل الصميل بداره بالربض وعمل عبد الرحمن على إكرامهما وتقدير مكانتهما، والربض هى الضاحية هي منطقة سكنية تقع في الإطار الخارجي لمدينة أو قرية أو في بعض الأحيان خارج الحدود الرسمية للمدينة أو القرية،

وقد تكون جزء من المدينة أو ريفها أو تكون تجمعا حضرياً مستقل عنها، وغالبا ما تكون الكثافة السكانية للضواحي أقل منها في القرية أو المدينة، والحر بن عبد الرحمن الثقفي، هو رابع ولاة الأندلس من قبل الدولة الأموية، حيث ولاه عليها محمد بن يزيد والي أفريقية بعد أن بعثه إليها في ذي الحجة لعام سبعه وتسعين من الهجره، في أربعمائة رجل من وجوه أفريقية، خلفًا لأيوب بن حبيب اللخمي الذي كان الأندلسيون قد اختاروه ليخلف الوالي المقتول عبد العزيز بن موسى بن نصير، ينتسب الحر إلى أسرة من أشراف ثقيف، فهو الحُر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن مالك بن حطيط الثقفي، فأباه عبد الرحمن كان واليًا على الكوفة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *