Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الصحابى الجليل سعد بن الربيع الأنصارى، وقد توقفنا مع غزوة أحد عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه وامضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم، ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية، فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر، ويقال إلى سعد بن عبادة، ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين، ويقال إلى مصعب بن عمير، وقد استخلف على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع، وخرج السعدان أمامه يعدوان، سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وكل واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله.

فمضى حتى إذا كَان بالشيخين، وهما أطمان التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما هذه؟ قَالوا حلفاء ابن أَبِي من يهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك، وعرض من عرض بالشيخين فرد من رد وأجاز من أجاز، وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلا فِي بني النجار، واستعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين رجلا يطيفون بالعسكر، وكان المشركون قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث راح ونزل، فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين، وأدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ودليله أَبو حثمة الحارثي فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة، وهو يرى المشركين.

فأمر بلالا وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفا، وانخزل ابن أبي من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له، وانخزل معه ثلاثمائة، فبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى سبعمائة ومعه فرسه وفرس لابي بردة بن نيار وأقبل يصف أصحابه ويسوى الصفوف على رجليه، وجعل ميمنة وميسرة وعليه درعان ومغفر وبيضة، وجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة، وجعل عينين جبلا بقناة عَن يساره وجعل عليه خمسين من الرماة، واستعمل عليهم عبد الله بن جبير وأوعز إليهم فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وأقبل المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أَبِي جهل ولهم مجنبتان مائتا فرس وجعلوا على الخيل صفوان بن أمية.

وهكذا مرت المعركة، وقد مرّ رجل من المهاجرين يوم أحد على رجل من الأنصار وهو يتشحّط في دمه، فقال له يا فلان، أشعرت أن محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل؟ فقال الأنصاري إن كان محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل فقد بلغ الرسالة، فقاتلوا عن دينكم، فنزلت الآية الكريمة فى سورة آل عمران ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ” وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لطلب سعد بن الربيع رضي الله عنه، وقال لي إن رأيته فأقرأه مني السلام، وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم “كيف تجدك؟” قال زيد، فجعلت أطوف بين القتلى، فأصبته وهو في آخر رمق، وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم، فقلت له يا سعد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك “أخبرني كيف تجدك؟”

وهكذا كما ذكرنا الحديث فى الأجزاء السابقه، وكانت من عائلة الصحابى سعد بن الربيع أمه وهى السيدة هزيلة بنت عمرو وهي أم سعد بن الربيع، وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أخته هى السيدة محبة بنت الربيع، وهى أخت سعد بن الربيع النقيب من أهل بدر لأبيه وأمه، وقد تزوجها أبو الدرداء عامر بن زيد بن قيس بن أمية، فولدت له بلال، وأسلمت محبة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخته لأمه هى السيدة حبيبة بنت خارجة أخت سعد بن الربيع لأمه، وقد تزوجها أبو بكر الصديق فولدت له أم كلثوم، وكانت زوجته هى السيدة عمرة بنت حزم، وكانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها يوم أحد، فعن جابر بن عبد الله، عن عمرة بنت حزم ” أنها جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في صور نخل كنسته ورشته، وذبحت له شاة، فأكل منها وتوضأ وصلى الظهر، ثم قدمت له من لحمها فأكل وصلى العصر ولم يتوضأ”

وكانت إبنته هى السيدة جميلة أم سعد بنت سعد بن الربيع وهى زوجة زيد بن ثابت رضي الله عنهم، وعن أم سعد بنت سعد بن الربيع رضي الله عنهما أنها دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فألقى لها ثوبه حتى جلست عليه، فدخل عمر رضي الله عنه فسأله، فقال هذه ابنة من هو خير مني ومنك، قال ومن هو يا خليفةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جبل قبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوّأ مقعده من الجنة وبقيت أنا وأنت، كانت تقول دخلت عليّ أم عُمارة رضي الله عنها، فقلت لها يا خالة أخبريني خبرك؟ فقالت خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال، وأذب عنه بالسيف، وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجرح إليّ.

قالت فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت لها من أصابك بهذا؟ قالت ابن قَمئَة، أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان، هكذا فكان من صحابيات الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم، المعذبات بسبب إسلامهن في صدر الدعوة الإسلامية، والمجاهدات في سبيل الله تعالى وكان لهن الدور الواضح البارز في التاريخ الإسلامي، وإن كن كلهن أي كل الصحابيات مجاهدات في غالب الأمر لأن المسلمين كانوا في صدر الإسلام أمة قليلة العدد وسط مجتمع من الكفار يحيط بهم ويؤذونهم ويطاردونهم في كل مكان، فكان صبرهن وصمودهن على ذلك في حد ذاته جهاد، كما أن تشريدهن عن بيوتهن في سبيل الدعوة الإسلامية جهاد.

L’image contient peut-être : 1 personne, debout, ciel, fleur, costume et plein air

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *