Share Button
فى طريق النور ومع صاحب مدرسة الرأى فى الفقة “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع صاحب مدرسة الرأى فى الفقة، فكيف بمن يتقحم حمى الشريعة ويسوّد صفحات الكتب والصحف بالتحليل والتحريم، وهو ليس من أهل الشريعة، فضلا عن أن يكون من أهل الفتيا، خاصة في نوازل الأمة التي لو نزلت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر؟ ولقد غدت الفتوى في عصرنا الحاضر مجالا فسيحا يتسابق فيه من يريد الشهرة أو من يلتمس رضى الناس بسخط الله، ومسائل أصول العقيدة توقيفية لا يدخلها الاجتهاد، والمسائل التي فيها نص من الشارع لا يدخلها الاجتهاد، فلا اجتهاد مع نص، والمسائل المجمع عليها لا اجتهاد فيها، لأنه لا تجوز مخالفة الإجماع، فإن على الأمة أن تترك النظر في مسائل العلم إلى أهله من العلماء العاملين.
وأن لا يدخلوا فيما لا يُحسنون في أي مسألة من الحلال والحرام، وانظروا إلى احترام الأئمة لأبي حنيفة رضي الله عنه لتنبذوا أقوال الفئة الضالة الذين وصل تحقيرهم للعلماء إلى أن قالوا في الإمام الجليل أبي حنيفة، أبا جيفة، ففي تاريخ بغداد للحافظ الكبير الخطيب البغدادي بإسناده إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه قال ” إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى” هذا وقد ذكر ابن الأهدل أن أبا جعفر المنصور نقل أبا حنيفة إلى بغداد ليوليه القضاء، فأبى فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل.
فأمر بحبسه وقيل إنه كان يرسل إليه في الحبس أنك إن أجبت وقبلت ما طلبت منك لأخرجنك من الحبس ولأكرمنك، فأبى، فأمر بأن يخرج كل يوم فيضرب عشرة أسواط فكان يخرج به كل يوم فيضرب، فأكثر الدعاء فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات في الحبس مبطونا سنة مائة وخمسون هجرية، فأخرجت جنازته وكثر بكاء الناس عليه وصلى عليه خمسون ألفا ودفن في مقابر الخيزران في بغداد، فهذه لمحة مما كان عليه الإمام الفاضل أبو حنيفة من دأب على نشر العلم وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ومحاربة أهله والصبر على قضاء الله واحتمال الجلد والسجن بالصبر خوفا على دينه وحرصا عليه، وإن سيرة الامام ابى حنيفه وتلميذه هى قصة اكثر من رائعة.
نتعلم منها الكثير نتعلم ان لا نغتر بأنفسنا فالغرور نقمة على الانسان واننا مهما تعلمنا فدائما يوجد من هو اعلم منا فلا نصاب بالغرور، فكان من أشهر علماء وتلاميذ أبي حنيفة، هو الإمام أبو يوسف القاضي، وكان أبو يوسف في صغره فقيرا وكان أبوه يمنعه من حضور دروس أبي حنيفة ويأمره بالذهاب للسوق للتكسب، وكان أبو حنيفة حريصا عليه وإذا غاب عاتبه فاشتكى أبو يوسف يوما إلى أبي حنيفة حاله مع والده، فاستدعى أبو حنيفة والد أبي يوسف وسأله كم يكسب الولد في اليوم؟ قال له درهمين، فقال أبو حنيفة إنا أعطيك الدرهمين ودعه يطلب العلم فلازم أبو يوسف شيخه سنين، فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب ونبغ على أقرانه أصابه مرض فأقعده.
فزاره الإمام أبو حنيفة وكان المرض شديدا عليه متمكنا منه فلما فلما رآه أبو حنيفة خاف عليه وحزن وخاف عليه الهلاك، فخرج من عنده وهو يقول لنفسه آآآه يا أبا يوسف لقد كنت أرجوك للناس من بعدي، ومضى أبو حنيفة يجر خطاه حزينا إلى حلقته وطلابه، ومضت يومان فشفي أبو يوسف واغتسل ولبس ثيابه ليذهب لدرس شيخه أبو حنيفة، فسأله من حوله إلى أين تذهب؟ قال أبو يوسف إلى درس الشيخ، فقالو له إلى الآن تطلب العلم ؟ أنت قد اكتفيت أما بلغك ما قال فيك أبو حنيفة ؟ فقال أبو يوسف متعجبا وما قال ؟ قالوا قد قال كنت أرجوك للناس من بعدي أي انك قد حصلت كل علم أبي حنيفة، فلو مات الشيخ جلست مكانه، فأعجب أبو يوسف بنفسه.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏، ‏نظارة‏‏‏ و‏منظر داخلي‏‏
١
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *