Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الجزء الثانى مع الصحابى عبد الله بن جحش وكان عبد الله بن جحش، رجلا ليس بالطويل ولا القصير، وكان كثير الشعر، وبعد وفاته كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصيًا على ماله، فاشترى لابن عبد الله أرضا بخيبر، وقد قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وهم أبو حذيفة بن عتبة وعكاشة بن محصن بن حرثان حليف بني أسد بن خزيمة وعتبة بن غزوان حليف بني نوفل وسعد بن أبي وقاص الزهري وعامر بن ربيعة الوائلي حليف بني عدي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع التميمي حليف بني عدي أيضًا وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف بني عدي أيضًا وسهيل ابن بيضاء الفهري فهؤلاء سبعة ثامنهم أميرهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه.

وقال ابن إسحاق: وكتب له الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فإذا فيه: “إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم” فلما نظر في الكتاب قال: سمعًا وطاعة، وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال: قد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد، وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما كانا يتعقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة.

فمرت به عير لقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي قال ابن هشام: واسم الحضرمي هو عبد الله بن عباد الصدفي، وقال السهيلي: وقيل غير هذا في نسبه، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة، فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله.

واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخمس، فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس، قال: لما نزلنا الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله، وقد قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ” فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئًا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام.

وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال، فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان، وقالت يهود، وهو تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله، وعمرو عمرت الحرب، والحضرمي حضرت الحرب، وواقد بن عبد الله وقدت الحرب، فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام.

وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم ( والفتنة أكبر من القتل ) أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين، وقال ابن إسحاق فلما نزل القرآن الكريم، بهذا من الأمر وفرج الله تعالى، عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم بن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم” فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا.

وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا، وقال ابن إسحاق فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا: يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ وكان من اجتهاد عبد الله بن جحش أنه قسم الغنيمة أخماس، فجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس وجعل أربعة أخماس في الغانمين، من قبل أن يفرض ذلك، فنزل بعد ذلك قوله تعالى فى سورة الأنفال ( واعلموا أنما غنتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ) وقيل أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتي فندعو؟ فقال: فخلونا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقينا القوم غدا، فلقني رجلا شديدا حرده، أقاتله فيك، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، قال: فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده.

أقاتله فيك حتى يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك، قلت هذا فيك، وفي رسولك، فتقول: صدقت، وقال سعد: فكانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط، وكان من أخوات عبد الله بن جحش رضى الله عنه، هى السيده زينب بنت جحش زوجة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهى أم المؤمنين التي ذكرت في قول القرآن الكريم (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) وكانت أخته أيضا هى السيده حمنة بنت جحش وهى زوجة الصحابى الجليل مصعب بن عمير، وكان أخوه هو أبو أحمد بن جحش من المهاجرين إلى الحبشة، وأخوه أيضا هو عبيد الله بن حجش من المهاجرين إلى الحبشة وزوج أم المؤمنين أم حبيبة، وهى السيده رمله بنت أبى سفيان، أخت الصحابى معاويه بن أبى سفيان، وكان عبيد الله بن جحش هو والد ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، السيده حبيبة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *