Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن جميع الأنبياء والمرسلين هم صفوة الخلق وأفضل البشر، وهذا لا يعني عدم تفاوتهم في الفضل، وكما أن جبريل فضل على جميع الملائكة لمكانته في تبليغ الوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكان فضل الأنبياء بعضهم على بعض لأسباب كثيرة، من بها الله عز وجل بها عليهم، ولقد ميز الله تعالى الأنبياء بصفات ظهرت عليهم وعرفوا بها، فكانوا من أقرب القوم لأقوامهم وأعلاهم قدرا لصفاتهم المحببة.

والنبي هو من ينبئه الله تعالى، فينبئ بما أنبأه الله عز وجل، من شرع ودين فإن كان القوم الذي سينبئهم من المؤمنين فهو نبي، أما إذا كان هذا النبي مأمور أن ينبأ رسالته ويبلغها لقوم ليسوا بمؤمنين ودرجوا على الكفر فهو رسول نبي، فالأنبياء وظيفتهم الأولى تبليغ الدين، لذلك هم معصومون عن الخطأ وجاء فضل الأنبياء على باقي المخلوقات من الملائكة والجن وحتى البشر.

ويعتبر نبي الله صالح عليه السلام من أنبياء الله ورسله، حيث بعثه الله تعالى في مرحلة من مراحل التاريخ إلى قومه ليدعوهم إلى التوحيد والهدى، وليصحح عقيدتهم التي انحرفت إلى الشرك والضلالات، وذكرت قصة صالح عليه السلام مع قومه في كتاب الله تعالى في أكثر من سورة، حيث جاءت مفصلة في سور، مثل: سورة الأعراف، والحجر، وفصلت، والشعراء، وهود، بينما جاءت أقل تفصيلا في سور أخرى، مثل: سورة الإسراء، والفجر، والحاقة.

ونبي الله صالح عليه السلام من الأنبياء العرب، حيث ينتهي نسبه إلى سام ابن نوح عليه السلام، فهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر بن جابر بن ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وسمي قومه بهذا الاسم نسبة إلى أحد أجدادهم وهو ثمود، ونبى الله صالح عليه السلام وقومه ثمود من العرب البائدة، ومعنى العرب البائدة أي تلك السلالة من العرب الذين بادوا في التاريخ لعدة أسباب، من بينها عذاب الله الذي حل بهم بسبب عصيانهم وجحودهم.

وقوم ثمود العرب الذين خلفوا قوم عاد الذين أهلكهم الله بالعذاب بسبب عصيانهم كذلك، وسكن قوم ثمود في منطقة الحجر، وهي منطقة بين المدينة المنورة وتبوك شمال الجزيرة العربية، وأن الله عز وجل، قد بعث صالحا إلى قومه حين راهق الحلم ، وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر وقيل أنه كان يمشي حافيا ، وقد أرسل الله تعالى نبيه صالح إلى قوم ثمود وهم قبيلة مشهوره، يقال لهم ثمود، بإسم جدهم ثمود أخى جديس، وهما إبنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وكانوا عربا من العاربه، يسكنون الحجر الذى الذى بين الحجاز وتبوك.

وكانت دعوة نبى الله صالح عليه السلام دعوة إلى التوحيد وعبادة الله تعالى وحده، فحينما رأى صالح عليه السلام ما أحدث قومه من الضلالات والكفر وقف بينهم يدعوهم إلى الله، والرجوع إلى الطريق المستقيم، وقابلت ثمود دعوة صالح بالصد والتكذيب، وتعجبوا كيف يدعوهم نبيهم إلى ترك ما كان يعبد آباؤهم من الآلهة، وأصروا على البقاء على معتقداتهم الباطلة، ولم يؤمن بصالح عليه السلام إلا قلة من قومه.

وقد اختلف المؤرخون في أصل ثمود وزمن وجودهم ، فقال بعضهم : إنهم بقية من قوم عاد ، وقال آخرون : إنهم بقية من العماليق ، انتقلوا من غرب الفرات إلى الحِجر ، ويرى بعض المؤرخين من المستشرقين : أنهم قوم من اليهود سكنوا تلك الناحية ولم يدخلوا فلسطين ، وهذا الرأي لا شك أنه باطل ، لأن اليهود لم يعرفوا إلا بعد خروج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من أرض مصر فكيف يكونون يهودا ؟

وأصح الأقوال أن قوم ثمود كانوا عربا من بقايا عاد ، ويؤيد هذا الرأي قول الله تعالى ” واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ” فكان بعض قوم ثمود يسكن الأحقاف وبعضهم يسكن الحجر.

وأما عن زمن وجودهم : فقد قال ابن كثير رحمه الله : وأما زمن وجودهم فلم يعلم بالضبط ، إلا إنهم كانوا بعد عاد وقبل ميلاد زمن موسى عليه السلام ، بدليل قول مؤمن آل فرعون “وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يومِ الأحزاب ، مثل دأب قوم نوحٍ وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد” وكان قوم ثمود يتمتعون بقوة هائلة في الأجسام ، فنحتوا الجبال وجعلوها بيوتا.

ومن رأى مدائن ثمود التي مر عليها الآلاف من السنين وكيف تفننوا في نحت الجبال وتزيينها ، ويدرك صدق القرآن حينما قال “وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين” ومع قوةِ أجسامهم فهم لم يكن معهم قوة في العقول ، فآثروا الكفر على الإيمان والباطل على الحق ، فعبدوا الأوثان من دون الله لأنها عبادة من سلف من آبائهم وأجدادهم .

وما أصعب خُلق الإنسان وصلابته حين يَنشأ في بيئة عاشت على الضلال وعلى الغواية حتى اعتقد أنها على الحق وغيرها على الباطل ، وإن هذا الإنسان الذي عَمي قلبه عن الحق في حاجة إلى منفذ ينتشله من هذا الجو الموبوء ، ولهذا تجلت رحمة الله في هؤلاء القوم حين بعث لهم رسولا كريما منهم يعرفون حسبه ونسبه وخلقه يدعى صالح عليه السلام.

فبعث صالِح إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ويذكرهم بنعم الله عليهم ، لأن الإنسان قد يتقلب في نعم الله في صباحه ومسائه ، ثم مع إلْفه للنعم يجحد النعمة وينسى شكر المنعم جل جلاله ، فذكرهم صالح بنعم الله عليهم لعلهم يتذكرون ، ولعلهم تلين قلوبهم، وأيد الله سبحانه وتعالى نبيه صالح عليه السلام بمعجزة باهرة، وهي معجزة الناقة، حيث انشقت حجارة الجبال عن ناقة عظيمة كانت معجزة في خلقها وشربها.

فكانت تشرب مياه البئر في يوم دون أن يشرب منه أحد فتنتج ألبانا يشرب منها جميع الناس صغارا وكبارا، رجالا ونساء، حتى يرتوون ويشبعون، وعلى الرغم من تلك الآية الباهرة إلا أن قوم صالح عليه السلام أصروا على استكبارهم وجحودهم فرفضوا دعوة نبيهم، ولم يكتفوا بذلك، بل بيتوا في أنفسهم نية ذبح الناقة، فانتدبوا أحد أشقيائهم وهو أحيمر ثمود فتوجه إلى الناقة وعقرها.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *