Share Button
فى طريق النور ومع إياكم والتخوض فى مال الله “الجزء السابع”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع إياكم والتخوض فى مال الله، وما أجمل هذه الصورة التي حدثت مع أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه حيث دخلت عليه ذات يوم عمته تطلب زيادة على راتبها من بيت مال المسلمين، وإذا به يأكل عدسا وبصلا، فلما كلمته في شأنها، قام عن طعامه وجاء بدراهم من فضة ووضعها على النار، ثم وضعها في كيس، وقال لها خذي هذه الزيادة، فما إن قبضت عليه حتى طرحته أرضا لاحتراق يدها من شدة الحرارة، وكاد يغشى عليها، وقال لها عمر رضى الله عنه يا عمتاه إذا كان هذا حالك مع نار الدنيا، فكيف بنار الآخرة؟ وما أنا إلا عبد استودعه الله على خلق من خلقه، وخازن لبيت مال المسلمين أسأل عن كل درهم فيه يوم القيامة.
فكيف يكون حالي في ذلك اليوم إذا أنا أعطيتك درهما واحدا على باقي الرعية؟ ومن تلك الصور ما رواه عبدالله بن عمر قائلا اشتريت إبلا أنجعتها الحمى، فلما سمنت قدمت بها، قال فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا، فقال لمن هذه الإبل؟ قيل لعبدالله بن عمر، قال فجعل يقول يا عبدالله بن عمر بخ بخ ابن أمير المؤمنين، قال ما هذه الإبل؟ قال قلت إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال فيقولون ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله ابن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين، ومن ذلك قصة عاتكة زوجة عمر والمسك فقد قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين فقال عمر بن الخطاب.
والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك، قال لا، قالت لم؟ قال إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا وأدخل أصابعه في صدغيه وتمسحي به عنقك فأصيب فضلا على المسلمين، ومن هذه الصور أيضا، هو منع جر المنافع بسبب صلة القربى به، فعن أسلم قال خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل، وقال لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال بلى، ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، وأسلفكما، فتبيعان به متاع العراق.
ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، ففعلا، وكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال، فلما قدما على عمر قال أكلَّ الجيش أسلف كما أسلفكما؟ فقالا، لا، فقال عمر بن الخطاب أدّيا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين، لو هلك المال أو نقص لضمناه، فقال أديا المال، فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا، أى شركة، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال، قالوا هو أول قراض في الإسلام، وإن هناك بعض الأسباب التي تعين المسلم على المحافظة على المال العام ومن هذه الأسباب المعينة على المحافظة على المال العام.
هو تربية النفس على مراقبة الله في السر والعلن والخشية منه، وقد روى ابن جرير الطبري في تاريخه قال لما هبط المسلمون المدائن، وجمعوا الأقباض، أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب الأقباض، فقال الذين معه ما رأينا مثل هذا قط ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه، فقالوا هل أخذت منه شيئا؟ فقال أما والله لولا الله ما آتيتكم به فعرفوا أن للرجل شأنا فقالوا من أنت؟ فقال لا والله لا أخبركم لتحمدوني ولا غيركم ليقرظوني ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه، فأتبعوه رجلا حتى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا عامر بن عبد قيس، وحملت الغنائم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد القادسية، وفيها تاج كسرى، وإيوانه لا يقوّمان بثمن، فنظر رضي الله عنه إلى ما أداه الجند في غبطة وقال إن قوما أدوا هذا لأميرهم لأمناء.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *