Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن عشر مع الإسلام فى زمن الإنترنت، وحين تتكرر صورة التعرى من مسلسل لآخر، يصبح العُري ثقافة عادية، والتعطر والزينة قبل الخروج من مكملات الأنوثة، ولا يهم إن كان أمام المحارم أو غيرهم، ولا يهم أيضا إن كان داخل البيت أو خارجه، فنجد المراهقة تقتدي بجزء أو أجزاء من تلك المشاهد المصدرة إلينا لأن ترسب الأفكار يولد لدينا التعود والقَبول، ولقد عاد تصدير مثل هذه النماذج الدخيلة، وتثبيتها في الأذهان مهمة سهلة جدا بوجود الإقبال الشديد من فتياتنا على هذه المسلسلات، فعوض أن ترى الفتاة نماذج من النساء المسلمات اللواتي يفتخرن بالحجاب والعفة وحُسن الخُلق، فإنها ترى نماذج لنساء يتباهين بالموضة وعرض المفاتن، وما أبعد هذا عن ديننا وأخلاقنا العامة، وديننا لا يمنع التزين ولا الظهور بهيئة حسنة.

لكنه يضع ضوابط لذلك، فلقد خلق الله عز وجل الإنسان في أحسن صورة وحباه من الصفات ما جعله في أحسن تكوين، وأتم خلق، والإنسان بطبعه يميل إلى إضفاء لمسات جمالية على خلقته الأصلية، أولها الاعتناء بنظافة البدن، كالغسل والوضوء وسنن الفطرة، ونظافة الملبس والمكان، على أن الزينة بالنسبة للمرأة المسلمة تحكمها ضوابط وتقيدها شروط، وهى عدم التبرج وضرورة ستر الزينة، وعدم إظهارها إلا لمن تجوز له رؤيتها، ومراعاة حدود الزينة أمام النساء، وألا ترتكب المرأة بزينتها حراما، وألا تتشبه بالكافرات وأهل الكتاب والفساق، وألا تتزين بما فيه ضرر وبما يخالف الشرع من الثوب الضيق أو الشفاف وأن تتجنب لباس الشهرة، وتراعي الاعتدال وعدم الإسراف، مع حُسن القصد وعدم التغرير، فأين بناتنا من هذه الضوابط؟

والدعوة الصريحة لإقامة العلاقات المحرّمة والتساهل في تكوينها وممارسة الزنا، وأكاد أجزم أن في كل مسلسل مدبلج علاقة محرّمة أو أكثر، بل قد يُبنى المسلسل كله على تلك العلاقة، وليس مسلسل العشق الممنوع ببعيد، فموضوع المسلسل الذي تدور حوله مائة وخمسة وستون حلقة يتحدث عن علاقة حب بين امرأة متزوجة وشاب ربّاه زوجها كبير السن بعد وفاة والديه، وما هذا إلا غيض من فيض، والخطر أكبر حينما يحاولون إبراز الظاهرة لا على أنها مرض اجتماعي وجب محاربته، بل يجدون في اختلاق الأعذار لتصوير الذنب في صورة حب تلقائي، والإجهاض كحل مؤكد لعلاقات الزنا، والخيانة الزوجية كنتيجة حتمية للخلافات، والحب المزعوم كثيرا ما يبدأ بتحرش جنسي يقابل بالترحاب من الطرف الآخر، وقد تعددت مظاهره في هذه المسلسلات.

فقد يكون التحرش الجنسي بحركات كنظرات ثاقبة تذيب الحياء، أو لفظيا بإطلاق كلمات نحو المرأة توحي إلى ذلك أو تحرشا جسديا باللمس، أو محاولة المداعبة، وهو تعدى صريح على شرف المرأة، فيزين هذا المنكر في عيون شبابنا، ولن يعود خدشا للفطرة السليمة، وانحصارا لرداء الحياء، وإثارة محرمة للغرائز والرغبات، بل يصير القدرة على امتلاك قلوب الفتيات، أو التمكن من اصطياد الشباب، وإيقاعهم في الشباك، وكثيرا ما تكون السيجارة رفيقة رجل الأعمال، أو تكون التعبير المباشر عن الغضب والقلق، وكثيرا ما يُعاقر الرجل الخمرة في مشهد خليع، وقد تكون المخدرات السلوك الإرادي لنسيان الهموم والمشاكل، فتهون في نظر المشاهد هذه السموم مع كثرة تكرارها في مشاهد المسلسل الواحد، فكيف إن تكررت في أغلب المسلسلات.

والإنسان ليس كائنا يعيش بمعزل عن المجتمع، بل هو جزء منه يتأثّر به ويؤثر فيه سلبا وإيجابا، ومن هنا فقد يتأثر المشاهد بما يراه من عنف في محيطه وداخل مجتمعه، أو قد يتأثر بما تعرضه وسائل الإعلام المختلفة من مشاهد تروج للعنف وتشجع عليه، وهذا ما نلفيه في كثير من المسلسلات المدبلجة، خصوصا الأمريكية منها، فقد أكدت بعض الدراسات وجود علاقة بين وسائل الإعلام والسلوك الإجرامي، وذلك من خلال عرضها للصور الإجرامية عرضا مغريا مشوقا، يسلط الأضواء على بعض أنواع الإجرام، ويغري بارتكابها، فيتولد العنف لدى الصغير ويكبر معه، أو كبيرا فيتقبله، إلى أن يكون طرفا فيه، فإن ما هو مورس من حروب بمعناها التقليدي على ديننا وثوابتنا وقيمنا ومبادئنا عبر التاريخ، لم ينجح في فت عضد الأمة، والنيل من شبابها.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *