Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

هو الإمام الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي المناقب أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي، وقد وُلد السيوطي في القاهرة، وكان ذلك بعد المغرب ليلة يوم الأحد غرة شهر رجب سنة ثمانى مائه وتسعه وأربعين من الهجره، وقد عاش بالقاهرة، وكان جلال الدين السيوطي وهو الإمام السيوطي، سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين.

وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه، وقد تُوفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيما، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل: العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه، وزادت معارفه، وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال ابن الهمام الحنفي، وهو أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرا كبيرا.

وخاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة، وكانت طفولة السيوطي المبكره لها مدى الحرص الشديد على تلقي العلم منذ الأيام الأولى، فقد كان هناك وعي كبير بأهمية العلم وقيمته في عملية التربية، يوجَه الولد نحو حفظ القرآن الكريم، وحفظ المتون الدينية، كما نرى مدى حرص الآباء على أن يدفعوا أولادهم نحو العلوم، وجلال الدين السيوطي هو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين بن الخضيري الأسيوطي، وذلك نسبة إلى مدينة أسيوط في صعيد مصر، وهو عالم موسوعي في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والفقه، والأدب.

وقد ولد فى مصر ثم رحل إلى الشام واليمن والحجاز والمغرب والهند، ثم عاد إلى مصر واستقر فيها، تولى العديد من المناصب، وعندما بلغ الأربعين من عمره اعتزل داخل منزله، وعكف على التصنيف، وقد عرفه الناس بورعه وعمله وحب الآخرين، تناقلوا عنه كرامته التي وصلت إلى حد الأساطير، وأخباره بين الحين والآخر خلدها مسجده بمحافظة أسيوط جنوب مصر، ولكنها تأتي بقوة مع انطلاق احتفالات مولد العارف بالله جلال الدين السيوطي بمنطقة القيسارية بأسيوط بصعيد مصر، وقد عاش الإمام السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها.

وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمضِ عامان حتى أجيز بتدريس العربية، وألَّف في تلك السنة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة، فألف شرح الاستعاذة والبسملة، فأثنى عليه شيخه علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده، وان الإمام جلال الدين السيوطي واسع العلم غزير المعرفة، وقد قال عن نفسه: قد رُزقت ولله الحمد التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع.

وذلك إضافة إلى أصول الفقه والجدل والتصريف، والإِنشاء والترسُّل والفرائض والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق، وقد قيل أنه قد عاصر الإمام السيوطي ثلاثة عشر سلطانا مملوكيًا، وكانت علاقته بهم متحفظة، وطابعها العام المقاطعة وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم، فقد وضع نفسه في مكانته التي يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم، وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها.

وقيل أنه قد أهدى إليه الغوري خصيًّا وهو عبد مملوك لا يقرب النساء، وألف دينار، فردَ الألف وأخذ الخصيَ، فأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية، وقال لقاصد السلطان: لا تعُد تأتينا بهدية قطُ، فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك، وطلبه السلطان مرارا فلم يحضر إليه، وألَّف في ذلك كتابا أسماه، ما وراء الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين، وكان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخا واحدا يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه هو محيي الدين الكافيجي، الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عاما كاملة.

وأخذ منه أغلب علمه في التفسير والأصول والعربية والمعاني، وأطلق عليه لقب أستاذ الوجود، ومن شيوخه هو شرف الدين المُنَاويّ، وأخذ عنه القرآن والفقه، وتقي الدين الشبلي، وأخذ عنه الحديث أربع سنين، ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن آسية بنت جار الله بن صالح الطبري، وكمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني، وأم هانئ بنت الحافظ تقي الدين محمد بن محمد بن فهد المكي، وخديجة بنت فرج الزيلعي، وغيرهن كثير، وقيل أنه كان السيوطي يحفظ مائتي ألف حديث كما رَوى عن نفسه.

وكان مغرما بجمع الحديث واستقصائه، لذلك ألف عشرات الكتب في هذا المجال، يشتمل الواحد منها على بضعة أجزاء، وفي أحيان أخرى لا يزيد على بضع صفحات، وقد مرض السيوطي رحمه الله بورم شديد في ذراعه اليسرى، فمكث سبعة أيام، وتوُفِي رحمه الله في سحر ليلة الجمعة التاسع عشر من جمادى الأولى سنة تسعه مائه وأحدى عشر من الهجره، في منزله بروضة المقياس، وقد استكمل من العمر إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما، ونُقل عنه أنه قرأ عند احتضاره سورة يس، وصلى عليه خلائق بجامع الأباريقي بالروضة عقب صلاة الجمعة.

وصلى عليه مرة ثانية خلائق لا يحصون، وكان له مشهد عظيم، وكما يقول تلميذه الشاذلي: لم يَصل أحد إلى تابوته من كثرة ازدحام الناس، ودُفن بحوش قوصون خارج باب القرافة، كما صُلي عليه غائبةً بدمشق في الجامع الأموي، يوم الجمعة ثامن رجب من السنة المذكورة، وهكذا كانت نهاية العالم الذي كان يريد أن يتبحر في علمه، وكان ممن سافر في رحلات علمية ليلتقي بكبار العلماء، فسافر إلى عدد من الأقاليم في مصر وخارجها بحثا عن العلم هو الإمام الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين الأسيوطى، رحمه الله .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *