Share Button
فى طريق النور ومع المقاطعة والهجرة النبوية ” الجزء التاسع “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع المقاطعة والهجرة النبوية، وكما ذكرهم الله تعالى أن كل نفس واجدة مرارة الموت، فقال سبحانه وتعالى ” كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون” أي واجدة مرارته، وكربه، كما يجد الذائق طعم المذوق، ومعناه إنكم ميتون، فواصلون إلى الجزاء، ومن كانت هذه عاقبته لم يكن له بد من التزود لها، والاستعداد بجهده، وهذا تشجيع للنفس على الهجرة لأن النفس إذا تيقّنت بالموت سهل عليها مفارقة وطنها، وقال ابن كثير في الآية أي أينما كنتم يدرككم الموت، فكونوا في طاعة الله، وحيث أمركم الله فهو خير لكم، فإن الموت لابد منه، ولا محيد عنه، ثم إلى الله المرجع والمآب، فمن كان مطيعا له جازاه أفضل الجزاء، ووافاه أتم الثواب.
ولهذا قال الله تعالى فى سورة العنكبوت ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون” أي صبروا على دينهم، وهاجروا إلى الله، ونابزوا الأعداء، وفارقوا الأهل، والأقرباء ابتغاء وجه الله، ورجاء ما عنده، وتصديق موعوده، ولم يتوكلوا في جميع ذلك إلا على الله عز وجل، ولما بايعت طلائع الخير، ومواكب النور من أهل يثرب النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، والدفاع عنه ثارت ثائرة المشركين، فازدادوا إيذاء للمسلمين، فأذن النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، وكان المقصود من الهجرة إلى المدينة، إقامة الدولة الإسلامية التي تحمل الدعوة.
وتجاهد في سبيلها حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، وكان التوجيه إلى المدينة من الله تعالى، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت لما صدر السبعون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طابت نفسه، وقد جعل الله له منعة، وقوما أهل حرب، وعدة، ونجدة، وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين لما يعلمون من الخروج، فضيقوا على أصحابه، وتعبثوا بهم، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالون من الشتم، والأذى، فشكا ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستأذنوه في الهجرة، فقال ” قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرّتان ولو كانت السراة أرض نخل، وسباخ لقلت هي، هي” رواه البخاري، ثم مكث أياما.
ثم خرج إلى أصحابه مسرورا فقال “قد أخبرت بدار هجرتكم، وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها” فجعل القوم يتجهون، ويتوافقون ويتواسون، ويخرجون، ويخفون ذلك، فكان أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم بعده عامر بن ربيعة، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة، فهي أول ظعينة قدمت المدينة، ثم قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا، فنزلوا على الأنصار في دورهم، فآووهم، ونصروهم، وآسوهم، وكان سالم مولى أبي حذيفة، يؤمّ المهاجرين بقباء، قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خرج المسلمون في هجرتهم إلى المدينة، كلبت قريش عليهم، وحربوا، واغتاظوا على مَن خرج من فتيانهم.
وكان نفر من الأنصار بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة الآخرة، ثم رجعوا إلى المدينة، فلما قدم أول مَن هاجر إلى قباء خرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، حتى قدموا مع أصحابه في الهجرة، فهم مهاجرون أنصاريون، وهم ذكوان بن عبد قيس، وعقبة بن وهب بن كلدة، والعباس بن عبادة بن نضلة، وزياد بن لبيد، وخرج المسلمون جميعا إلى المدينة، فلم يبقى بمكة فيهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر، وعلي، أو مفتون، أو مريض، أو ضعيف عن الخروج، فكانت هذه نبذة خفيفة مما واجه به المشركون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مارسوا كل ذلك جنبا إلى جنب، متنقلين من طور إلى طور، ومن دور إلى دور‏.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *