Share Button

 

إن الأنبياء معصومون من الوقوع في الرذائل التي تقدح في شرفهم ومكانتهم، فمن العجب أن يسأل مسلم عن قصة بديهية البطلان، لا يرتاب ذو عقل سوي في أنها من الكذب والبهتان والتحريف المفضوح، وقد قال ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، يذكر فيه بعض من الكذب الذي لا يشك كل ذي مسكة تمييز في أنه كذب على الله تعالى وعلى الملائكة عليهم السلام وعلى الأنبياء عليهم السلام، إلى أخبار أوردوها لا يخفى الكذب فيها على أحد، كما لا يخفى ضوء النهار على ذي بصر، ثم قال في جملة ما ذكر من الدلائل على تحريف تلك الكتب متناقض ما فيها وتالله ما رأيت أمة تقر بالنبوة وتنسب إلى الأنبياء ما ينسبه هؤلاء الكفرة، فتارة ينسبون إلى إبراهيم عليه السلام أنه تزوج إلى أخته فولدت له إسحق عليهما السلام، ثم ينسبون إلى يعقوب أنه تزوج امرأة فدست إليه أخرى ليست امرأته فولدت له أولادا.

ومنهم انتسل أنبياء الله موسى وهارون وسليمان وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، ثم ينسبون إلى روبان بن يعقوب أنه زنى بربيبته زوج النبي أبيه وأم أخويه، ثم ينسبون إلى نبيه يعقوب عليه السلام أنه فسق بها كرها وافتضها غلبة، ثم ينسبون إلى يهوذا بزناه بامرأة ولديه فحبلت وولدت من الزنا ولدا منه انتسل داود وسليمان عليهما السلام، ثم ينسبون إلى يوشع بن نون أنه تزوج رحب الزانية المشهورة الموقفة نفسها للزنا لكل من دب وهب في مدينة أريحا، وكل هذا هو كذب وبهتان وإفتراء الله تعالى وعلى أنبيائه الكرام عليهم جميعا الصلاة والسلام، ولقد كان هناك أنبياء من بنى إسرائيل، وإن إسرائيل هو النبي يعقوب عليه السلام، وهذا النبي الكريم هو من سلالة نبى الله إبراهيم عليه السلام فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وبعد معرفة من هو إسرائيل يُطرح في الذهن سؤال آخر وهو ما معنى كلمة إسرائيل؟

وهل هو اسم أو لقب لنبي الله يعقوب؟ ومما قيل في معنى هذه الكلمة أنّها مركبّة من كلمتين، وهما “إسر” ومعناه العبد في لغة قوم النبي يعقوب و”إيل” وهو الله، فيكون معنى كلمة إسرائيل عبد الله، أما عن كونه اسما أو لقبا فالقولان واردان لدى أهل العلم والتفسير، وبعد معرفة من هو إسرائيل والعلم بأن نبى الله يعقوب عليه السلام، هو من تنسب إليه بنو إسرائيل، لا بد من الإشارة إلى أنه كان للنبي يعقوب اثنا عشر ولدا وهم الأسباط الذين تم ذكرهم في القرآن الكريم ومنهم تفرعت أقوام بني إسرائيل، وقد تمت مخاطبة من كان منهم على زمن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في القرآن الكريم ببني إسرائيل ونسب إليهم ما فعل آباؤهم، مثل قوله تعالى في سورة البقرة (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) فبنو إسرائيل هم نسل النبي يعقوب عليه السلام وأولاده إلى قيام الساعة.

وإن اليهود منهم وهم ينتسبون إلى يهوذا وهو أحد أبناء النبي يعقوب عليه السلام، وكلمة إسرائيل في القرآن الكريم قد وردت آيات قرآنية تتحدث عن النبي يعقوب باسم إسرائيل، ومنه قوله تعالى في سورة آل عمران ( كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراه ) ومعنى هذه الآية أن جميع أنواع الأطعمة كانت حلالا لذرية النبي يعقوب عليه السلام باستثناء لحوم الإبل وألبانها، والسبب في تحريم هذا النوع أن النبي إسرائيل هو من حرّمه على نفسه، ولكن هذا خاص بمرحلة ما قبل نزول التوارة أما بعد نزولها على النبي موسى عليه السلام، فقد حرّم الله عز وجل على بني إسرائيل ما شاء من أصناف الطعام وفق حكمته وعلمه سبحانه، وسوف نتحدث عن نبى من أنبياء بنى إسرائيل ألا وهو النبى صموئيل أو النبى شمويل، وهذا بحسب التعريف الأشهر له، فهو قائد في إسرائيل القديمة.

وقد ورد اسمه في سفر صموئيل، بالكتاب العبري، وهو نبي وأشير إليه في القرآن الكريم، ولكن بدون ذكر اسمه، والنبى صموئيل هو نبي من أنبياء بني إسرائيل، وصموئيل اسم عبري معناه “اسم الله” وهو أول أنبياء العبرانيين بعد نبى الله موسى عليه السلام، وكان آخر القضاة وكان أبوه ألقانة لاويا وينتسب إلى صوفاي أو صوف، وكان صموئيل نبيا وصار بعد موت عالي صاحب السلطان الديني غير المنازع في الأرض، وأراد أن ينصرف لتقويم الشعب، فى عشرين سنة بعد إرجاع التابوت رأى أن وضع الأمة الروحي تحسن فجمع الشعب كله إلى المصفاة بقرب المكان الذي أخذ منه التابوت ليعترفوا بخطاياهم ويصوموا أمام الرب ويسترضوه، فلما سمع الفلسطينيين أن بني إسرائيل قد اجتمعوا في المصفاة صعدوا لمقاتلتهم فصلى صموئيل من اجل الشعب فأرعد الرب بصوت عظيم على الفلسطينيين فانكسروا أمام بني إسرائيل.

ولم يعودوا للدخول في تخم بني إسرائيل طوال حياة صموئيل، ويبدأ السفر بذكر قصة ألقانة وهو رجل من سبط أفرايم ومن سكان الرامة، وهو متزوج من حنة وفننة، لكن حنة لم يكن لها أولاد وهو ما جعلها عرضة للسخرية من المجتمع ومن ضرتها، ويبدو أن ألقانة كان تقيا، وكان يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود في شيلوه، أيام حكم القاضي عالي، وفي إحدى المرات خلال تواجدهم في شيلوه توجهت حنة إلى الرب بالدعاء، وبكت بكاء شديدا ونذرت نذرا، وقالت يا رب الجنود إن نظرت نظرا إلى مذلة أمتك وذكرتني ولم تنس أمتك بل أعطيتها زرع بشر، فإني أعطيه للرب كل أيام حياته، فتحقق لها ما طلبت وولدت ابنا أسمته صموئيل أي “سمع لله قائلة” لأني من الرب طلبته، ثم حين فطمته أصعدته معها بثلاث ثيران وإيفة دقيق وزق خمر، وأتت به إلى الرب في شيلوه والصبي صغير.

ويذكر الفصل الثاني من السفر فرح حنة وتهللها، ويذكر حلاقا أنها حبلت أيضا وولدت ثلاث بنين وبنتين، ثم ينتقل ليذكر عالي الكاهن وأولاده الذي كان صموئيل لديهم، وشاخ عالي جدا وسمع بكل ما عمله بنوه بجميع إسرائيل، وبأنهم كانوا يضاجعون النساء مجتمعات في باب خيمة الاجتماع، ورغم تقريع عالي لهم، لكن مبعوثا من الله يسميه السفر رجل الله قد يكون نبيا أو ملاكا جاء إلى عالي مخبرا إياه أنه بسبب فساد ابنيه سينزع الملك منه وستندثر عائلته من الوجود، ويذكر السفر هنا أن صموئيل، تزايد نموا وصلاحا لدى الرب والناس أيضا وينتقل السفر في الفصل الثالث للحديث عما يطلق عليه اليوم في المسيحية اسم دعوة صموئيل، فبينما كان نائما دعاه الله، فاعتقد صموئيل أن عالي الكاهن يدعوه فذهب إليه، وبعد أن تكرر الأمر ثلاث مرات أجاب صموئيل الرب، تكلم يا رب فإن عبدك يسمع، وذلك بناء على نصيحة عالي.

ويرتبط هذا القسم من السفر بانتهاء مرحلة وبداية مرحلة، فالفصل يبدأ بعبارة، وكان في ذلك الزمان، ويذكر أيضا أن النبؤة كانت منقطعة لدى بني إسرائيل، أما عن فحوى دعوة صموئيل، فقد أخبره الله ما أخبر به عالي حول زوال حكمه، ولكنه أخبر صموئيل أنه سيغدو نبيا عظيما، وعرف جميع إسرائيل من دان إلى بئر السبع أنه قد أوتمن صموئيل نبيا للرب، وقد أظهرت هذه النجاة أن الله أقام صموئيل قاضيا أي مدافعا ورئيسا وفي قيامه بوظيفته كان يذهب من سنة إلى سنة ويجول في بيت إيل والجلجال والمصفاة ولكنه كان مقيما في الرامة حيث جمع جماعة من الأنبياء ليساعدوه في عمل الإصلاح، وقيل أن هناك بنى مذبحا للرب لأن الله ترك شيلوه وكان التابوت محجوبا والعهد منكوثا لأن بني إسرائيل نقضوه بالعبادة الوثنية والرجاسة فكان صموئيل ممثل يهوه، وفي أيام حكم صموئيل ممثل يهوه، وفي أيام حكم صموئيل القوي.

كانت البلاد حرة من الأجنبيين، ولما شاخ جعل ابنيه قاضيين لإسرائيل في بئر سبع ولكنهما لم يكونا جديرين بثقته لأنهما أخذا رشوة وعوجّا القضاء، وكان من سوء تصرفهما هذا وخطر الأمم المجاورة أن طلب شيوخ الشعب أقامه ملك عليهم فأمره الله بأن يمسح شاول، ثم بعد رفضه عيّن الله داود، ومات صموئيل لما كان داود هاربا من وجه شاول في برية عين جدي ودفن في بيته في الرامة بعد أن ندبه جميع بني إسرائيل، وفي الليلة قبل موقعة جلبوع سأل شاول العرافة في عين دور لتصعد له صموئيل، وكان هيمان أحد المغنين الذين أقامهم داود في بيت الرب حفيدا لصموئيل، وقد عد صموئيل في قائمة العهد القديم الذين سلكوا بالإيمان، وقد قيل عنه، أنه كان آخر القضاة العبرانيين وهو أول الأنبياء الذين بدأت نبوتهم داخل أرض إسرائيل، وحسب نصوص سفر صموئيل، هو من رسم أول ملكين على مملكة إسرائيل، شاول وداود.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏‏‏‏نبات‏، ‏شجرة‏‏، ‏‏سماء‏، ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏، ‏ماء‏‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏‏
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *