Share Button

فى طريق النور ومع الهوية الإسلامية ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الهوية الإسلامية، وتفنيدهم للأسس التي ترتكز عليها الفرق الضالة التي كانت تستتر في زي الإسلام، وتحاول أن تقوض بنيانه بتلك الفلسفات الملحدة، ولكن مما يؤسف له أن المعتزلة لم يلبثوا أن وصلوا إلى درجة الغلو في نظرتهم للعقل، وكان ذلك إيذانا بتلاشيهم من ميدان البقاء لأنهم أصبحوا لا يمثلون الهوية الإسلامية القائمة على السهولة واليسر حيث أخرجوا الإسلام من حالته الفطرية إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية، وكان هذا الوضع من تدبير أعداء الإسلام، وإن كنت تعجب من هذه العبارة الأخيرة، فانظر إلى هذه الحادثة التي ذكرها العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله يقول.

 

“إن قصة المسلمين مع الفلسفة اليونانية قصة مليئة بالفواجع والنكبات، والغريب جدا أنه لا يزال الكثير من مثقفينا يعتقد أن سبب نهضة المسلمين يعود إلى هذه الفلسفة، مع أنها كانت من أعظم أسباب نزاعهم وبعدهم عن دينهم، وضياع مجدهم، وقد تحقق فيهم خبر أحد الأحبار، وتفصيل ذلك كما رواه العلامة الشيخ محمد السفاريني ” حيث قال العلماء إن المأمون لما هادن بعض ملوك النصارى أظنه صاحب جزيرة قبرص طلب منه خزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد، فجمع الملك خواصّه من ذوي الرأي، واستشارهم في ذلك، فكلهم أشاروا بعدم تجهيزها إليه إلا واحد، فإنه قال جهزها إليهم، فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها، وأوقعت بين علمائها”

 

ومن الجدير بالذكر أن أولئك النصارى قد طمروا هذه الفلسفة تحت الأرض تخلصا من شرها لما لمسوه من فسادها، وهدمها للدين والفضيلة، ولقد تحقق في المسلمين تنبؤ الحبر، فما كاد علماء المسلمين بعد أن بلغ مجد الإسلام ذروته في القوة والفتح والعلم يشتغلون بفلسفة اليونان، حتى راحوا يؤولون نصوص الشريعة الإسلامية حتى تتفق مع هذه الفلسفة، فمسخوا الإسلام، وأخذوا يزعمون أن للإسلام ظاهرا وباطنا، وظاهره للعامة، وباطنه للعلماء والحكماء، وأخذوا يشتغلون بعلم الكلام يسمونه ظلما وعدوانا بعلم التوحيد، ولا يكاد يكون فيه من التوحيد إلا الاسم، أما محتواه، فهو الفلسفة نفسها” ولقد كان لإعلاء المعتزلة شأن العقل، ورفعه إلى درجة التقديس.

 

إيذانا بخروجهم عن روح الهوية الإسلامية القائمة على السهولة واليسر، والخالية من التعقيدات الفلسفية أعظم الأثر في مواجهة العلماء لهم، واجتهاد أئمة الإسلام أمثال مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم في الرد عليهم ومواجهة تلك الفلسفات الدخيلة على هوية الأمة، والتي لم يألفها السلف الصالح رضوان الله عليهم، ويجب علينا أن نعلم أن الإسلام هو الدين الذي لا يقبل الله دينا سواه، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” إن الدين عند الله الإسلام” والإسلام هو هوية الأمة، ودينها، ونجاتها وعزها في الدارين لا ريب، بل أمرنا أن نعلنها واضحة لأهل الكتاب وغيرهم، ولأن المسلم أخو المسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” رواه مسلم، وقال الله تعالى فى سورة الحجرات ” إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون” وعن أبي نضرة قال، حدثني مَن سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق فقال “يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلغت؟ ” رواه احمد، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فالانضواء تحت راية الإسلام هو العز كله والسؤدد، وكيف لا وهو يرضى بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبالمسلمين إخوانا؟

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *