Share Button
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع صحابى جليل من السابقين إلى الإسلام، وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، وخطيب الأنصار، وهو أحد الذين دعا لهم النبى صلى الله عليه وسلم، وبشرهم بالجنة في أكثر من موضع، وكان يضرب به المثل في الإيثار والشجاعة والإقدام، وكان أحد السابقين إلى الإسلام في المدينة، إذ ما كاد يستمع إلى آيات الذكر الحكيم يرتلها سفير الإسلام مصعب بن عمير بصوته الشجي وجرسه الندي لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يعلم المسلمين، حتى أسر القرآن الكريم سمعه بحلاوة وقعه، وملك قلبه برائع بيانه، فشرح الله تعالى صدره للإيمان وأسلم، وكان هذا الصحابى جهير الصوت، خطيبا، بليغا تخرج من فمه الكلمات قوية، صادعة جامعة، وقد خطب هى الصحابى عند مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فقال نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الجنه” فقال رضينا، وقيل إن الرسول صلى الله عليه وسلم، آخي بينه وبين عمار بن ياسر، وقد اتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم خطيبا، ويروى أنه في عام الوفود قدم وفد تميم على الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم عبدالله بن عبس اليماني ومسلمة بن هاران الحمداني بعد فتح مكة، وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له ” قم فأجب خطيبهم ” فقام فحمد الله وأبلغ، وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمقامه، فأسلموا، وبايعوا على قومهم، وكتب لهم كتابا بما فرض عليهم من الصدقة في أموالهم، وكتبه هذا الصحابى، وقد شهد فيه سعد بن معاذ ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهم، فكان هو أحد كتاب القرآن الذين يدونون القرآن الكريم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من أحرص الناس على حفظ القرآن، كما كان ممن جمعوا القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقد كان لله تعالى، أقوام يجعلهم جنده الذين ينصرون دينه، فيقومون به وينصرونه بقوة الله تعالى، ومن تلك الأقوام كان الأنصار الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأنصار هم سكان المدينة المنورة الأصليين الذي هاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، حين خرج من وطنه مكة المكرمة، فقال فيهم الله تعالى في القرآن الكريم في سورة الحشر ” والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصه، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ” ولقد كانت مناقب الصحابي الجليل قيس بن ثابت كانت متعددة ومنها أنه لم يحمل رضي الله عنه إلا القلب، الخاشع، المخبت، كما عُرف عنه الخشية والخوف من كل ما يُغضب الله عزَ وجل، وإذا به في يوم من الأيام يقول للنبى صلَي الله عليه وسلم عن خشيته بأنه قد هلك، وكان يرى أنه يحب أشياء قد نهى الله عن حبها.
ومثال على ذلك حب أن يُحمد بما لا يفعل، وحب الخُيلاء فطمأنه النبي صلَي الله عليه وسلم وبشره البشرى العظيمة بالشهادة والجنة، وكان الصحابي الجليل لم يخف يوما أن كان يبحث عن الشهادة في مظانها، ففي كل غزوة يغزوها يقول في نفسه لعلي أنال الشهادة هنا، وظل هكذا متلهف شوقا لهذا اليوم الذي يلقى فيه الله عزَ وجل شهيدا في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، وقد أمل هذا الصحابي الجليل في الشهادة فتحقق عندما جاءت حرب الردة التي كان فيها حاملا للواء الأنصار، وكانت الدولة الإسلامية فيها ضد مسيلمة الكذاب في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، إنه الصحابى الجليل ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث وينتهي نسبة إلى الخزرج، وكنيته أبومحمد، وقيل أبوعبد الرحمن، وعن محمد بن جرير بن يزيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له، ألم تر أن ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟ قال صلى الله عليه وسلم ” فلعله قرأ سورة البقرة ” فسئل ثابت، فقال قرأت سورة البقرة، وقد اشتهر ثابت بالورع والكرم والزهد والتقوى والشجاعة وشدة حبه للرسول صلى الله عليه وسلم وكان لفضله ومناقبه بشره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بالجنة، وعن أبي قاسم الطبراني بسنده عن عطاء الخراساني قال، قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني بحديث ثابت بن قيس بن شماس، فأرشدوني إلى ابنته فسألتها فقالت، سمعت أبي يقول لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سورة لقمان “إن الله لا يحب كل مختال فخور” اشتدت على ثابت بن قيس وأغلق عليه بابه، وظل يبكي فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فأخبره بما كبر عليه منها، فقال أنا رجل أحب الجمال وأنا أسود قومي، فقال صلى الله عليه وسلم.
“إنك لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير، ويدخلك الله الجنة” وكان ثابت من نجباء صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، المقربين في مجلسه يتفقده إذا غاب ويسأل عنه، ويعوده في مرضه ويدعو له، ويروى أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، دخل على ثابت بن قيس وهو مريض، فقال صلى الله عليه وسلم “اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس” ثم أخذ ترابا فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء وصبه عليه، وقد عرف ثابت بن قيس بالإيثار وحب الإنفاق في سبيل الله، ويحكى أن رجلا من المسلمين مكث صائما ثلاثة أيام يمسي فلا يجد ما يفطر فيصبح صائما حتى فطن له ثابت بن قيس، فقال لأهله إني سأجيء الليلة بضيف لي، فإذا وضعتم طعامكم، فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فيطفئه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم.
فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته، ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم هو قوتهم، فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” يا ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم ” فنزلت هذه الآية الكريمة فى سوة الحشر ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” وقد ظهرت بسالته وإقدامه في الجهاد في سبيل الله، فقد شهد أحدا وجميع المشاهد والغزوات بعدها وبيعة الرضوان، وكانت فدائيته من طراز فريد تجلت عندما استنفر أبوبكر الصديق المسلمين إلى أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب، وكان ثابت بن قيس في الصفوف الأولى وطليعة المسلمين، فلما لقوا مسيلمة وبني حذيفة تراجع المسلمون ثلاث مرات، فقال ثابت ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل لنفسه حفرة فدخل فيها فقاتل حتى قتل.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *