Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن المؤمن يبتلى بالشر كما يبتلى بالخير، وتصيبه الضراء كما تصيبه السراء، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وإذا انقشعت سحابة المحن، وسكنت عاصفة الفتن كان في الناس مأجور، وموزور، وسالم وموتور، وأعظم الوتر الوتر في الدين، ثم الوتر في النفس، ثم في الأهل والمال، وإن الفتن متنوعة متعددة حتى ربما لا يخلو الإنسان في لحظة من حياته من فتنة ولكنها تتفاوت كبرا وصغرا وخطورة وأثرا، فمن الفتن فتنة المال والولد كما قال تعالى ” إنما أموالكم وأولادكم فتنة” أي أن حب المال قد يوقع العبد في معصية الله وغضبه وذلك حين يكتسبه من وجه حرام كأكل مال اليتيم والسرقة والنهب والاختلاس والرشوة والمتاجرة بالخمور والمخدرات ونحو ذلك، أو يبخل به فيمسكه عن إنفاق ما أوجب الله عليه كمن يبخل بالزكاة والنفقات الواجبة، وحب الولد والزوجة قد يغلب على الإنسان حتى يترك ما أوجب الله عليه من الصلاة المفروضة أو صلاة الجماعة أو طلب العلم الواجب عليه أو الجهاد الواجب عليه أو يحمله على تلبية مطالبهم ورغباتهم.

التي فيها سخط الله وغضبه، فمن آثر حب الله على حب ماله وأهله وولده وخاف من مقام ربه أشد من خوفه من غضبه أهله وولده فليبشر بالأجر العظيم، أي من صبر وصابر وثبت فله عند الله أجر عظيم، وقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أستأذن بالدخول على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عليه صلى الله عليه وسلم، لأبي موسى ” ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ” فقال أبو موسى، فجئته فقلت له أدخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك” رواه البخارى ومسلم، وفي رواية قال أبو موسى، فذهبت فإذا هو عثمان بن عفان، قال ففتحت وبشرته بالجنة، قال وقلت الذي قال، فقال اللهم صبرا أو الله المستعان، وفي رواية أخرى أن عثمان رضي الله عنه، حمد الله تعالى ثم قال الله المستعان، وهذه البلوى التي أخبره بها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أصابته في آخر حياته رضي الله عنه، وهو شيخ قد بلغ من الكبر عتيا، وتحمل من أمور الأمة ما تحمل، فقابل بلواه بثبات عجيب.
وصبر جميل، فلم يتزحزح عن إيمانه، ولا جزع من مصابه، فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل دار الخلد مأواه، وقيل أن هناك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شاركوا أهل النهروان انفصالهم عن الإمام علي بن طالب، ونجد أسماء بعضهم تتصدر قائمة الذين كان لهم دور بارز في الإلحاح على الإمام علي بن أبى طالب بالتراجع عن التحكيم، ثم الاعتزال إلى النهروان، وعن ابن عباس نفسه أنه لما جاء من عند معاوية بن أبى سفيان في أمر الحكمين ناقشه عدة رجال في مسألة التحكيم وهم يستدلون عليه من كتاب الله، وإن الصحابة الذين تتفق عليهم معظم المصادر، فقد حفظت لنا كتب التاريخ أعدادا كبيرة من الصحابة كانوا في جيش الإمام علي في صفين، ولا يعرف مصير كل واحد منهم إلا ما ثبت عن بعضهم من مقتله في صفين أو بقائه إلى فترة متأخرة من الزمن، ولهذا فمن المستبعد جدا أن تكون معركة صفين قد أسفرت عن مقتل كل الصحابة الذين شاركوا فيها ممن ليس له ذكر بعدها، وهذا ما تؤكده رواية خليفة بن خياط عن عبد الرحمن بن أبزى
قال “شهدنا مع علي ثمانى مائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منا ثلاثة وستون” وفي رواية “ثلاثمائة وستون” على أنه يروى أن عدد الصحابة الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم، عنهم يقدر بأكثر من مائة ألف، ولا يخفى أن عدد الصحابة المذكورة أسماؤهم بعد صفين في جهة الإمام علي أو في جهة معاوية بن أبى سفيان يقترب مع عدد المذكورين في الجهة المعارضة للتحكيم، والتفاوت في الوجود الحقيقي للصحابة يكون بين جهة معاوية وبين الجهات المقابلة لما سبق من أن معظم الصحابة الموجودين يومئذ كانوا في جيش علي في صفين، وكان من الصحابة الذين ورد ذكرهم في أهل النهروان ومعارضي التحكيم فهم، زيد بن حصن أو حصين الطائي، وقد ذكره عدد من المؤرخين ضمن أهل النهروان، وعده كل من أبي المؤثر والبرّادي من الصحابة، وقد ذكره الهيثم بن عدي من أنه كان عامل عمر بن الخطاب على حدود الكوفة، وكان منهم حرقوص بن زهير السعدي التميمي، وقد ذكره عدد من أهل التاريخ فيمن قتل في أهل النهروان، ولكن يفهم مما نقله ابن حجر عن الهيثم بن عدي.
أن الخوارج تزعم أن حرقوصا من الصحابة وأنه قتل يوم النهروان، وقال الهيثم “فسألت عن ذلك فلم أجد أحدا يعرفه” ويفهم من ذلك أن حرقوص بن زهير هذا غير حرقوص المقتول بالنهروان، وعليه فقد ذكر ابن حجر ثمة حرقوصا آخر هو العنبري، وكان من هؤلاء الصحابه هو عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي ذو الثفنات، وقد سبق في المبحث الأول أنه بايعه أهل النهروان قبل خروجهم من الكوفة، وتشير عبارات بعض العلماء إلى أنه ليس له صحبة حيث يذكر أبو المؤثر كلا من حرقوص بن زهير وزيد بن حصن في سياق ذكر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعقب بقوله “ثم من بعدهم عبدالله بن وهب الراسبي” ويورده ابن حجر في القسم الثالث قائلا “له إدراك” أي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد أنه لقيه، وذكر الذهبي أنه كان ممن أدرك الجاهلية، أما ابن حزم فينفي أن يكون عبدالله بن وهب صحابيا، بل كان من خيار التابعين، إلا أن الطبري يروي في خبر فتح ماسبذان أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص بأن يبعث جندا
ويجعل على إحدى مجنبتيه عبدالله بن وهب الراسبي، وعلى الرغم من أن ابن حجر ينقل عنه أنه شهد فتوح العراق مع سعد بن أبي وقاص، وأنه كان من الجند الذين أرسلهم سعد، فإنه لا يشير إلى أمر عمر سعدا بأن يجعل عبدالله بن وهب على إحدى مجنبتي أولئك الجند، وبناء على ما مر من إدراك عبدالله بن وهب الراسبي الجاهلية وعلى ما قرره ابن حجر من أنهم كانوا لا يؤمرون يومئذ إلا صحابيا فإن عبدالله بن وهب يعد صحابيا، وكان من هؤلاء الصحابه هو شجرة بن أوفى السلمي، وقد ذكره البرادي والشماخي أنه شهد النهروان وكان بدريا، وكان من هؤلاء الصحابه هو عبدالله بن شجرة السلمي، وقد ذكره فيمن شهد النهروان كل من البلاذري والطبري والبرادي، وعده فيمن بايع تحت الشجرة، وكان من هؤلاء الصحابه هو شريح بن أوفى أو أبي أوفى بن ضبعة العبسي، وقد ذكره في أهل النهروان البلاذري والطبري والبرادي، وقد جعله البرادى ممن بايع تحت الشجرة، ولكنه قال السلمي، ويبدو أنه خلط بينه وبين شجرة بن أوفى السلمي، وشريح بن أوفى بن يزيد.
بن زاهر بن حر ابن شيطان بن حذلم بن خزيمة بن رواحة بن ربيعة ابن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض ابن ريث غطفان بن سعد بن قيس عيلان العنسي الكوفي وعن الشعبى أنه كان في المسيرين الذين سيرهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان في خلافته من الكوفة إلى دمشق، ثم إن شريح بن أوفى خرج على الإمام علي بن أبي طالب وأنكر تحكيمه الحكمين فقتل بالنهروان، وقيل أنه كان هوى محمد بن طلحة بن عبيد الله مع علي بن أبي طالب ونهى علي عن قتله وقال من رآني فلا يقتله يعني محمدا فقال للسيدة عائشة رضى الله عنها يومئذ يا أماه ما تأمريني فقالت أرى أن تكون كخبر ابني آدم أن تكف يدك فكف يده فقتله رجل من بني أسد بن خزيمة يقال له كعب بن مدلج من بني منقذ بن طريف ويقال قتله شداد بن معاوية العبسي ويقال بل قتله عصام بن مبشر البصري، وهو الذي يقول في قتله وأشعث قوام بآيات ربه، قليل الأذى فيما ترى العين مسلم ذلفت له بالرضح من تحت بره، فخر صريعا لليدين وللفم شككت إليه بالسنان قميصه.
L’image contient peut-être : 1 personne, foule

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *