Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

ونكمل الحديث فى الجزء الثانى عن الخليفه عبد الرحمن الداخل وهو صقر قريش وكان بعد اندلاع ثورة البربر في المغرب، اضطر المسلمون إلى وقف تلك الحملة والعودة إلى إفريقية للمساعدة في إخماد تلك الثورة، وقد انضم عبد الرحمن وأبيه إلى حملة كلثوم بن عياض القشيري التي بعثها الخليفة هشام بن عبد الملك لإخضاع ثورة البربر في المغرب، لكنهم انهزموا أمام البربر في معركة بقدورة بالقرب من نهر سبو، وكان ذلك سنة مائه واثنين وعشرين من الهجره، والتي قُتل فيها كلثوم بن عياض ووالد عبد الرحمن حبيب بن أبي عبيدة، ونجا عبد الرحمن مع فلول جيش المسلمين الذين قادهم بلج بن بشر القشيري إلى سبتة حيث هربوا عبر المضيق إلى الأندلس.

وكان بعد أن أذن لهم عبد الملك بن قطن الفهري والي الأندلس بالعبور إلى الأندلس، ولكن بعد العبور، دبّ الخلاف بين بلج وعبد الملك، وانتهى الصراع بينهما إلى مقتل عبد الملك، وولاية بلج على الأندلس، فثار أهل البلاد من عرب الأندلس رافضين حكم بلج، وقاتلوه قرب سرقسطة ولكنهم انهزموا أمام بلج وجند الشام هزيمة ساحقة في معركة أقوة برطورة، وجرح فيها بلج جروحًا أودت بحياته، فخلفه ثعلبة بن سلامة العاملي قائد جند الأردن. حاول عبد الرحمن أن يقدّم نفسه لحكم الأندلس، إلا أنه لم يجد من يسانده، فعاد إلى إفريقية سنة مائه وسته وعشرين من الهجره، فولاّه حنظلة بن صفوان الكلبي حامية تونس، وقد خشي الفهري ظهور الأمويين الفارّين من المشرق على ولايته، فتتبعهم بالقتل.

فقَتَل منهم ابنين للوليد بن يزيد، لذا، ظل عبد الرحمن يتنقل من مكان إلى مكان مدة خمس سنين، بدءًا من نزوله على أخواله بني نفزة، وهم من بربر طرابلس، ثم نزل على مكناسة وقيل مغيلة، حيث آواه أبو قرّة وانسوس المغيلي، لحمايته من متعقبيه، ثم منها إلى قوم من زناتة منازلهم قرب البحر في سبتة، وزناتة وهي منطقة أو حي من أحياء مدينة طرابلس وهي حاليا تتبع بلدية سوق الجمعة يحدها من الجنوب منطقة الفرناج ومن الشمال منطقة سوق جامع الصقع والهاني ومن الغرب منطقة راس حسن ومن الشرق منطقة الحشان، وهى تقع وسط مدينة طرابلس جنوب منطقة سوق الجمعة تمتد ما بين جزيرة الفرناج إلى جامع الصقع ومن أهم المنشآت الموجودة بها مديرية أمن طرابلس.

ومصنع الأعلاف طرابلس، مقر الرئيسي تراخيص طرابلس، ويحد فيها من الغرب جامعة طرابلس وهى جامعة الفاتح سابقا، ووزارة الزراعة، ويوجد بها مصرف الصحاري زناتة وكل ذلك حاليا، وأما عن مكناسة فهي قبيلة أمازيغية مستوطنة في المغرب تازة وغرب الجزائر، وأصل المكانسة من إقليم طرابلس و جنوبي تونس، ولكنهم نزحوا في وقت ما قبل الإسلام إلى الغرب واستقروا في الجزائر الحالية وهى المغرب الأوسط، وهى وسط المغرب الحالي وهى المغرب الأقصى، و ما يشهد لوجودهم، لعديد من الأمور منها، اسم مدينة مكناس، وكان بعد فتح المسلمين لبلاد المغرب، اعتنق المكانسة الإسلام، وقد شاركت مجموعة من أعضاء هذه القبيلة تحت قيادة طارق بن زياد.

في فتح بلاد قوط غربيون بمعركة سهل البرباط، وقد استوطنوا شمال قرطبة في الأندلس ، وأسسوا في القرن الحادى عشر سلالة بنو الأفطس في بطليوس، وهى مجموعة أخرى من المكانسة شاركت في انتفاضة وميسرة وقد اعتنقوا إسلام الخوارج و أقاموا على الحافة الشمالية للصحراء إمارة سجلماسة وكما اكسب هذا تتويجا للمنطقة الغربية في تجارتها عبر الصحراء مع السودان و أدى إلى الازدهار الاقتصادي الكبير، وكما كان لتحالفهم مع الخلافة بقرطبة الفضل في صد الهجمات التي قام بها الفاطميون، ولكن بعد تحالف الأمير المعتز مع الفاطميين، هب المغراويون حلفاء الأمويين آنذاك، إلى إخراج قبيلة مكناسة من سجلماسة، و ظلُوا يهيمنون عليها إلى أن دُمرت المدينة من قبل المرابطين.

وفي القرن العاشر كان جزء آخر من بطون قبيلة مكناسة، حليف موالي للفاطميين في مكافحة الأمويين وحلفائهم في المغرب، وقد أطاحوا بالرستميين من تاهرت سنة تسعمائه واثنى عشر من الهجره، هجّروا الصالحيين سنة تسعمائه وسبعة عشر من الهجره، وكان ذلك من مملكة نكور شمال المغرب، إلا انهم لم يتمكنوا من القضاء على مقاومة المغراويين في شمال المغرب بشكل دائم، وبعد ضعف قبيلة مكناسة جراء حربها الضروس مع المغراويين، لم يبق لها سوى الخضوع لحكم المرابطين في القرن الحادى عشر، وفي عام مائه وسته وثلاثين من الهجره، قد أرسل مولاه بدرا إلى موالي بني أمية في الأندلس يطلب عضدهم والتمهيد لدخوله الأندلس، وبدر مولى عبد الرحمن الداخل.

وهو أيضا صاحب عبد الرحمن الداخل، ورفيقه ووزيره فيما بعد، وقد إلتحق بدرا بخدمة عبد الرحمن قبيل سقوط الدولة الأموية بفترة، وحين سقوط الدولة الأموية، هرب عبد الرحمن فراراً من العباسيين ورافقه بدر في رحلته من الشام إلى الأندلس، وأرسله عبد الرحمن بعد ذلك إلى الأندلس ليخبر موالي بني أمية هناك بأن يمهدوا لعبد الرحمن دخول الأندلس، فعرض بدر رسالة عبد الرحمن على أبي عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد وأبي الحجاج يوسف بن بخت زعماء موالي بني أمية في الأندلس، فأجابوه، وأبو الحجاج يوسف بن بخت الفارسي، هو مولى عبد الملك بن مروان، وهو أحد زعماء موالي بني أمية في الأندلس، وكان حاجب الأمير عبد الرحمن الداخل.

أول أمراء الدولة الأموية في الأندلس، وقد شارك يوسف في حملة كلثوم بن عياض القشيري التي بعثها الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك لإخضاع ثورة البربر في المغرب عام مائه وثلاثه وعشرين من الهجره، والتي باءت بالهزيمة وقتل قائدها كلثوم بن عياض، ومحاصرة فلول حملته الذين قادهم بلج بن بشر القشيري ابن أخي كلثوم في سبتة، إلى أن سمح لهم عبد الملك بن قطن والي الأندلس بالعبور إلى الأندلس، وكان يوسف أحد الزعماء الثلاث مع أبي عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد الذين لبوا دعوة بدر مولى عبد الرحمن الداخل للدعوة لإمارة عبد الرحمن في الأندلس، وقد شارك معه في موقعة المصارة، وقد كان من خاصة الأمير عبد الرحمن الداخل، وولاه لفترة منصب الحاجب.

وفي عام مائه وسته وسبعين من الهجره، قد أرسله الأمير هشام الرضا بجيش اجتاح جليقية وهزم جيشًا من الجليقيين والبشكنس بقيادة برمودو الأول ملك أستورياس في معركة نهر بوربيا، وقد توفي يوسف بن بخت في طليطلة، ومن عقبه بنو جهور الذين كان لهم أمر قرطبة في عصر ملوك الطوائف، ونكمل مع يوسف وقد عرضوا الأمر على الصميل بن حاتم وكان من زعماء المضرية، غير أن الصميل خشي على نفوذه من مجيء عبد الرحمن، فاستقر على ألا يجيبه، والصميل بن حاتم هو أبو جوشن الصميل بن حاتم بن عمر بن جذع بن شمر بن ذي الجوشن، وهو حفيد قاتل الحسين بن علي بن أبى طالب، وكان ممن فرَ إلى الأندلس خوفا من أن يُقتل بعد أن سيطر العباسيون على الحكم بإسقاط الدولة الأموية.

وقد عمل على أن يتزعم مضر في زمن دخول عبد الرحمن الداخل الأندلس، وحارب الأخير وتمرّد عليه ورفض أن ينزل تحت حكمه، فتمكّن صقر قريش منه ومن سائر قيادات المتمردين، وقتلهم، وينتمي الصميل بن حاتم بن عمر بن جذع بن شمر بن ذي الجوشن إلي بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهم من بطون مضر، وكان جدُ جده شمر بن ذي الجوشن هو أحد قتلة الحسين بن علي، وقد شارك الصميل في بعث كلثوم بن عياض القشيري من ضمن جند قنسرين، الذي بعثه الخليفة هشام بن عبد الملك إلى إفريقية، ولما انهزمت تلك الحملة أمام البربر، فر في صحبة بلج بن بشر القشيري إلى الأندلس، ثم أصبح بعد فترة زعيمًا لقبائل مضر في الأندلس.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *