Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الصحابى الجليل الزبير بن العوام، وقد توقفنا عندما كان الزبير بن العوام ممن أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم، مع علي بن أبي طالب ليمسكوا بالمرأة التي كانت تحمل رسالة حاطب بن أبي بلتعة، فذهب علي بن أبى طالب، والزبير والمقداد رضى الله عنهم، فأمسكوا بالمرأة في روضة خاخ، وهى على بعد اثني عشر ميلا من المدينة، وهددوها أن يفتشوها إن لم تخرج الكتاب فسلمته لهم، ولما دخل المسلمون مكة كان الزبير حامل أحد رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى وجعل أبا عبيدة على البياذقة، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، فلما مرَّ بأبي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشا، فلما حاذى الرسول صلى الله عليه وسلم.

أبا سفيان قال يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟ قال صلى الله عليه وسلم “وما قال؟” فقال كذا كذا، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف، يا رسول الله، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشا” ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس بن سعد بن عبادة، وقيل أن اللواء لم يخرج عن سعد، وقيل بل دفعه إلى الزبير، ونصب الزبير راية الرسول صلى الله عليه وسلم، بالحجون عند مسجد الفتح، وضُرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له العباس بن عبد المطلب، يا أبا عبد الله أها هنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تركز الراية؟ وكان بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، كان الزبير من جملة الحرس الذين يحرسون المدينة، لأن كثير من قبائل العرب قد ارتدت، وطمع كثير من الأعراب في المدينة.

فجعل أبو بكر الصديق على أنقاب المدينة حرسا يبيتون حولها منهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وقاتل الزبير مع أبي بكر الصديق في حروب الردة، ثم خرج للقتال بالشام، وكان لما طُعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ودنت وفاته، أوصى بأن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضى وهم عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، ورفض تسمية أحدهم بنفسه، وأمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا، كما أمر بحضور ابنه عبد الله بن عمر مع أهل الشورى ليشير بالنصح دون أن يكون له من الأمر شيئا، ثم أوصى صهيب بن سنان أن يصلي بالمسلمين ثلاثة أيام حتى تنقضي الشورى، ومات عمر بن الخطاب بعد ثلاثة أيام من طعنه.

ودُفن يوم الأحد أول محرم سنة أربعه وعشرين من الهجرة، بالحجرة النبوية إلى جانب أبي بكر الصديق والنبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمره خمسا وستين سنة، وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام وقيل عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة، وبعد الانتهاء من دفن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ذهب أهل الشورى إلى الاجتماع في بيت السيدة عائشة بنت أبي بكر، وقيل إنهم اجتمعوا في بيت فاطمة بنت قيس الفهرية وهى أخت الضحاك بن قيس، وعندما اجتمع أهل الشورى قال لهم عبد الرحمن بن عوف “اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم” فقال الزبير،جعلت أمري إلى علي بن أبى طالب، وقال طلحة، جعلت أمري إلى عثمان بن عفان، وقال سعد، جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، وأصبح المرشحون الثلاثة علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن بن عوف.

أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخين، فقال عبد الرحمن بن عوف، أفتجعلونه إليَّ والله على أن لا آلو عن أفضلكما، قالا نعم، وأخذ عبد الرحمن بن عوف يستشير المسلمين، وبعد صلاة صبح يوم البيعة وهو اليوم الأخير من شهر ذي الحجة سنة ثلاثة وعشرين من الهجرة، أعلن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه، البيعة لعثمان بن عفان وقال “أما بعد، يا علي، إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا، فقال عبد الرحمن بن عوف مخاطبا عثمان بن عفان “أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده” فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون، وكان الزبير بن العوام رضى الله عنه، من جملة أنصار الخلفة عثمان بن عفان في الفتنة، فلما قُتل عثمان بن عفان، ندم الزبير وأصحابه على عدم مساعدته.

وعزموا على الأخذ بثأر عثمان، وبعدما بايع علي بن أبي طالب، طلب منه الزبير وطلحة تعجيل إقامة القصاص، واقترحا أن يخرجا للبصرة والكوفة، فقال طلحة، دعني فلآت البصرة فلا يفجئك إلا وأنا في خيل، وقال الزبير، دعني آت الكوفة فلا يفجئك إلا وأنا في خيل، فأمرهما علي بالتريّث، وبعد مرور أربعة أشهر من مقتل عثمان، خرج الزبير وطلحة معتمرين إلى مكة والتقوا بالسيدة عائشة بنت أبي بكر، وكان وصولهما إلى مكة في ربيع الآخر سنة سته وثلاثين من الهجرة، ودعا الزبير الناس إلى الأخذ بثار عثمان فقال، ننهض الناس فيدرك بهذا الدم لئلا يبطل فإن في إبطاله توهين سلطان الله بيننا أبدا إذا لم يفطم الناس عن أمثالها لم يبق إمام إلا قتله هذا الضرب، وقرروا الخروج إلى البصرة ثم الكوفة، والاستعانة بأهلها على قتلة عثمان بن عفان منهم أو من غيرهم ثم يدعون أهل الأمصار الأخرى لذلك، ولما وصلوا البصرة.

أرسل لهم والي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري يسألهم عن سبب قدومهم، فأرسل إليهم كلا من عمران بن حصين وأبي الأسود الدؤلي، فذهبا إلى السيدة عائشة فقالا لها، إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا، فقالت والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدثوا فيه الأحداث وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا.

L’image contient peut-être : 1 personne, debout, plante, arbre, ciel, fleur, costume, plein air et nature

J’aime

 

Commenter

Commentaires

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *