Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع عشر مع الهجرة النبوية المباركة، وأنه سيقوم عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بدور المخابرات الإسلامية في هذه العملية الخطيرة، فهو سيذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل يوم بأخبار مكة، وتحركات القرشيين، وردود الأفعال لخروج الرسول صلى الله عليه وسلم، وسوف يأتي في أول الليل، وسيبقى مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق طوال الليل ثم يعود إلى مكة قبل الفجر، ويبيت هناك، ثم يظهر نفسه للناس، فلا يشك أحد في أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأنه سيقوم عامر بن فهيرة رضي الله عنه مولى الصديق رضي الله عنه بدور التغطية الأمنية لهذه العملية.
وذلك برعي الأغنام فوق آثار أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق، ثم فوق آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بعد ذلك، حتى يضيع على المشركين فرصة تتبع آثار الأقدام، وستقوم السيدة الفاضلة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها بدور الإمداد والتموين لهذه العملية الصعبة، فهي ستحمل الطعام والماء، وتتجه به كل يوم إلى غار ثور إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيها الصديق رضي الله عنه، وستقوم السيدة أسماء بهذا الدور لأنه لن يشك أحد في أمر امرأة تسير في الصحراء، وخاصة أنها كانت في الشهور الأخيرة من حملها، وتخيل معي كيف لامرأة حامل في شهورها الأخيرة أن تحمل الطعام والشراب.
وتسير به مسافة ثمانية كيلو مترات في الصحراء، ثم تصعد الجبل الصعب الذي به غار ثور، وتفعل ذلك ثلاثة أيام متواصلة، وقد تظن هذا الأمر عجيبا، لكن يزول العجب عندما تعلم أنها قد تربت في بيت الصديق رضي الله عنه، وبذلك استنفد الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه وسعهما في إنجاح الخطة، ورفعا أيديهما إلى الله سبحانه وتعالى أن يكتب لهما النجاة، وقد عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته بعد وضع الخطة المحكمة، وجهز نفسه، واستقدم الإمام علي رضي الله عنه لينام مكانه، وأعطاه برده الأخضر ليتغطى به، وعرفه بالأمانات وأصحابها، ثم جاء وقت الرحيل، والذهاب إلى بيت الصديق رضي الله عنه.
ولكن اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم المفاجأة، أحاط المشركون ببيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إحاطة كاملة، وجاءوا قبل الموعد الذي ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يجيئون فيه، ولكن ماذا فعل أهل قريش عندما اكتشفوا خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة؟ فلقد أعلنت حالة الطوارئ القصوى في مكة، وقاموا باستنفار عام لكل العناصر المشركة، واتخذت السلطة في مكة عدة قرارات، فكان القرار الأول هو الذهاب إلى منزل أبي بكر الصديق رضى الله عنه والمتهم بصحبة زعيم المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يتولى شئون الإنفاق على المسلمين، فمن المحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال مختبئا في بيته.
أو لعل الرسول صلى الله عليه وسلم هاجر بمفرده، وأبو بكر صلى الله عليه وسلم يعرف طريقه، فلا بد من التأكد من ذلك، وقد قام بهذه المهمة أبو جهل بنفسه ومعه فرقة من المشركين، فتقول السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما “لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله عنه، أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم، فقالوا أين أبوكى يا بنت أبى بكر؟ قالت، قلت لا أدرى والله أين أبى؟ قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدى لطمه طرح منها فرطى” ولم يفكر أبو جهل في اقتحام بيت الصديق رضي الله عنه لأنهم كانوا يخافون من تعيير العرب لهم إذا دخلوا على النساء بيوتهن.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *