Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع وإن جنحوا للسلم، والسلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتباره ضرورة لكل مناحي الحياة البشرية ابتداء من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع فبه يتأسس ويتطور المجتمع، ومبدأ السلام لا يقوم إلا على المساواة في الحقوق، ولو اختلف الناس في العقيدة ، فالحياة الآمنة الحره العادلة حق الإنسان، ولا يتحقق له العيش بأمن وسلام إلا إذا أمن على ما يعتقد بحرية كاملة، دون إكراه أحد على ما يريد فكانت كفالة الإسلام لحرية العقيدة لجميع الناس، أثبت ذلك القرآن الكريم قبل خمسة عشر قرنا، حيث قال الله تعالى فى سورة البقرة ” لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى” وذلك لأن الدين فيه عقيدة تتحقق بالقناعة.
والإطمئنان النفسي لما يعتقد ويؤمن، ولا تتحقق حرية المعتقد للفرد والجماعة، إلا أن تكون بمحض الاختيار والقناعة الذاتية، حتى يظهر من خلالها عدل الله يوم الحساب فيثيب الله المصيب صحيح الإيمان بالجنة، ويعاقب الشاذ الكافر بالنار يوم القيامة، ولا يظلم ربك أحدا، وأما في هذه الدنيا فلكل وجهة هو موليها، فقال تعالى فى سورة البقرة ” ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات” وله عقيدة سوف يحاسب عنها، وليس لنا إلا البلاغ والنصح المبين الواضح، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران” فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد” وقال الله تعالى يأمر رسوله بأن يقول للكافرين صراحة ” لكم ينكم ولى دين”
ففي هذه الآية يمنح الله عز وجل حرية المعتقد دون تدخل أو إلزام أو جبر، ولقد أكد أئمة الإسلام أن السلام هو هدف الإسلام وغايته في الأرض، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” لهم دارا السلام عند ربهم وهو وليهم” وقال تعالى فى سورة يونس ” والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم” وقال الله تعالى فى سورة نوح ” قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك” وهذا يعني السلام في مضمونه العملي، على أساس من مبدأ العدل والمساواة والحرية للجميع، بعيدا عن الأطماع البشرية الخبيثة، ولا يسمى السلام سلاما إذا كان لصالح طرف دون الآخر ، فيكون ظلما وذلا، فقال تعالى فى سورة الأنفال ” وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم”
وإن من السلام نشر الأمن والاطمئنان والقضاء على الخوف والقلق، في نفسية الفرد والجماعة ولذلك فقد حرم التعدي وشدد العقوبة على المعتدي واعتبره تعدى على البشرية قاطبة ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، وكذلك قال الله تعالى فى سورة المائدة ” من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفس بغير أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” فالنفس الإنسانية محترمة في الإسلام، فمن أهرق دم نفس واحدة بدون حق فكأنما قتل الناس جميعا، وقد أمر الإسلام بحسن معاملة الأعداء، مع الحفاظ على العزة والكرامة، وعدم عنادهم في عدائهم، لعلهم يعودوا إلى رشدهم فيكفوا عن ظلمهم وعدائهم.
وذلك بحسن المعاملة وسلامة الصدر، فقد يتحول العدو العاقل إلى صديق عزيز، وقد أمرنا الإسلام بأن نحكم الحق العادل في معاملة الناس جميعا، وهذا الصحابي الجليل ربعي بن عامر يصف رسالة الإسلام لقائد جيوش الفرس رستم “إن الله ابتعثنا بالحق، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام” وأمرنا الله تعالى بأن نتعاون على الخير والبر فقال تعالى فى سورة المائدة “وتعاونوا على البر والتقوى” وقدم الإسلام البراهين العملية على أن أسلوب العدوان منبوذ مبتذل مرفوض، بقوله تعالى ” ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” كما أن الله منع التعاون على الشر والعدوان فقد حرم العدوان مطلقا.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *