Share Button

يحيى مبروك … زمن الرهبة والرغبة

منير الحاج

حين انتقلت من مدرستي التي قضيت فيها تسع سنوات “الأساسي والإعدادي” إلى مدرسة أخرى “مدرسة الشهيد العلفي بالعاصمة اليمنية صنعاء” لدراسة الثانوية ، التقيت بمدرسين من جنسيات سعودية ، كان هذا بالنسبة لي عالما جديدا ، ومرحلة يجب استكشافة ” مرحلة التعلم على أيادي عربية “…

مدرسان سعوديان ، المدرس الأول لمادة الرياضيات لكنه كان مدرسا عابرا في حياة أي طالب يتناسى مدرسيه لكثرتهم لون يتبقى سوى البعض ممن وضع بصمة أو كان ملفتا بشيء ما ، المدرس الثاني كان يحيى مبروك مدرس اللغة العربية…

يحيى مبروك من ماطق جيزان ، في الثلاثين من عمره ، قصيرة القامة أسمر البشرة ملفت الطبع ، غدق الفكر ، لغوي ماتع ، نحوي فاهم متفهم لطباع الطالب ، واعي بقدرات الجميع ، صاحب رسالة ، مسترسل في كلامه ، محب للبلاغة ، مطالع مثقف…

للشعر على لسانه تأويلات وفحص وتدقيق ، وللنحو وقفات وشرح وأمثال ، ولحضوره لفتة ومهابة ، ولحركة جسده تعابير ودهشة ، ولتلخيصاته أهمية واهتمام…

حين يحدد الاختبار يطوف الوجوه ناصحا مرشدا ، وحين يوم الامتحان تجده واثقا حريصا فهو مدرس اعتاد أن يطبع اختباره في السابعة صباحا بأحد محال التصوير في المدينة ، يخاف أن يتسرب امتحانه عن محض صدفة مثلا ، وحين مراقبته لنا كطلاب يستقيم على أطراف أنامله كي يرى حركة الجميع ، سريع الحركة ، هادىء لا يزعج أحدا ، لايستطيع أي طالب في حضرته أن يرمق ورقة زميله ، أو أن يغش كلمة من أي مكان ، اختباره سهل معقد ، وفي التعقيد تمييز الأذكياء ، والتفريق بين طلابه ، ووضع كلا في مكانه الصحيح…

أما حين استلام ورق الامتحان مصححة ، فهو يعلنها بصوت مرتفع فيقوم كل طالب لاستلام ورقته فمن كان راسبا يمد يده ليوفي له درجة النجاج ، فيحصل بما يسمى بلهجتنا “لي الغاز” على ضربات بعدد درجات النقص التي كان يحتاجها لينجح ، لقد كان أستاذا رفيع المستوى ، كريما سخيا ، مهذبا لبقا ، فسلام عليه.

تذكروا مدرسيكم بخير جزاء بما قدموه حسنا وحبا

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *