Share Button

الدكروري يكتب عن مقتل مصعب القرشي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن التابعي الجليل مصعب بن الزبير القرشي، وقيل أنه في سنة اثنين وسبعين من الهجره، قرر عبد الملك بن مروان أن يسير بجيشه قاصدا العراق لحرب مصعب، فبلغ مصعبا مسير عبد الملك، فأراد الخروج للقائه وطلب من البصريين النهوض معه لقتال أهل الشام فأبى عليه أهل البصرة وتباطؤوا بحجة أن الخوارج الحرورية برئاسة قطري بن الفجاءة قد نزلوا سوق الأهواز وغدوا على مقربة من البصرة، وبلغ من شدة الخطر الخارجي، على البصرة أن مصعب بن الزبير على حاجته الملحّة إلى المقاتلين اضطر إلى إبقاء خيرة جنوده في هذه المدينة مع المهلب بن أبي صفرة، وكان هذا من العوامل التي أدت إلى هزيمة مصعب بن الزبير.

 

وقد خرج مصعب بن الزبير حتى نزل بمسكن في دير يدعى، دير الجاثليق، فأرسل عبد الملك إلى مصعب رجلا يدعوه إلى جعل الأمر شورى في الخلافة، فأبى مصعب، ودارت رحى الحرب، ولما التقى الجيشان خذل أهل العراق مصعب، وما بقي معه إلا إبراهيم بن الأشتر وقلة قليلة، وقد قتل منهم من قتل، وانصرف الباقي فارين، وقد كان عبد الملك يحب مصعب حبا شديدا، وكان خليلا له قبل الخلافة فقال لأخيه محمد اذهب إليه فآمنه، فجاءه، فقال له يا مصعب قد آمنك ابن عمك على نفسك وولدك ومالك وأهلك فاذهب حيث شئت من البلاد، ولو أراد بك غير ذلك لكان، فقال مصعب قضي الأمر، إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبا أو مغلوبا، فتقدم ابنه عيسى فقاتل.

 

فقال محمد بن مروان يابن أخي لا تقتل نفسك، ثم ذكر من قوله ما تقدم، ومازال يقاتل حتى رماه زائدة بن قدامة الثقفي برمح قصير مناديا يا لثارات المختار، فقتله واحتز رأسه، وقيل احتز رأسه عبيد الله بن زياد بن ظبيان، وحُمل الرأس إلى عبد الملك فلما وُضع بين يديه بكي، وقال والله ما كنت أقدر أن أصبر عليه ساعة واحدة من حبي له، حتى دخل السيف بيننا، ولكن الملك عقيم، ومتى تلد النساء مثل مصعب؟ ثم أمر بدفنه هو وابنه عيسى وإبراهيم بن الأشتر في قبور بمسكن بالقرب من الكوفة، وقبره معروف هناك، وقيل أنه كان مقتل مصعب بن الزبير يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر جمادى الأولى أو الآخرة، من سنة إحدى وسبعين أو سنة اثنين وسبعين من الهجره، وقد قيل أن رأسه أرسل إلى الشام.

 

فأخذته عاتكة بنت يزيد بن معاوية فغسلته وطيّبته ودفنته، وعلى قول الجمهور أن وفاته كانت سنة إحدى وسبعين، ويقال إن عبد الملك ذكر مصعب ذات يوم بعد وفاته فقال أشجع الناس مصعب، فقد ولي العراقين، ثم زحف إلى الحرب، فبذلت له الأمان والحباء أى العطاء، والولاية والعفو عما خلص في يده، فأبى قبول ذلك، واطرح كل ما كان مشغوفا به من ماله وأهله وراء ظهره، وأقبل بسيفه قرما، أى شديد الرغبة في القتال، يقاتل وما بقي معه إلا سبعة نفر حتى قتل كريما، ويقول الشعبي فى مصعب بن الزبير ما رأيت أميرا على منبر قط أحسن منه، وكان مصعب يجالس أبا هريرة، وقد روى عن أبيه الزبير، وعن سعد بن أبي وقّاص وأبي سعيد الخدري، وحكى عن عمر بن الخطاب.

 

وروى ابن أبي الزناد عن أبيه قال اجتمع في الحجر عبد الله ومصعب وعروة بنو الزبير وابن عمر فقال تمنوا فقال ابن الزبير أتمنى الخلافة وقال عروة أتمنى أن يؤخذ عني العلم وقال مصعب أتمنى إمرأة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكنية بنت الحسين فقال ابن عمر أما أنا فأتمنى المغفرة فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غفر له، رضي الله عنهم أجمعين.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *