Share Button

فى طريق النور ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 2 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الإحسان إلى الخلق، وما بالنا إذن قد ينتقل الإنسان إلى ما هو أبسط من ذلك فيقول ولماذا صرت أنا فقير؟ ولماذا صرت مبتلى؟ وهكذا وأنا مسلم أما عوام الموحدين إذا أوردت عليهم هذا الإيراد قالوا “لا يسأل عما يفعل وهم يسألون” وهذا صحيح ولا شك، ولكننا نريد أن نفهم جذور هذا الابتلاء وما هي المعاني التي تتضمنه وشيئا من الحكم التي قد نراها ونحس بها من ابتلاء الله لعباده المؤمنين حيث قال الله تعالى ” وسعت كل شئ رحمة وعلما” فوسع رحمة الله كل شيء، وأحاط بكل شيء علما، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وسعت رحمة ربنا كل شيء، وأحاط بكل شيء علما، وهو أعلم بمصالح عباده منهم.

 

والعبد لجهله بمصالح نفسه يظلمها ويضرها لأنه ظلوم جهول، والرحمة هي إيصال النفع والمصالح وإن كرهتها النفس هذه هي الرحمة الحقيقية ومن رحمة الأب بولده أنه يكره الولد أحيانا على التأدب والتعلم والعمل الطيب ولو بالضرب أحيانا والعقوبة ويمنعه من الشهوات والملذات المحرمة، التي تعود عليه بالضرر ولو بالقوة أحيانا من رحمته بولده، وإذا أهمل ذلك كان غير رحيما حقيقة بولده وإن كان في الظاهر يقول الناس فلان تارك أولاده يفعلون كما يشاءون لم يضربهم أبدا ولم يعاقبهم مطلقا إنه رحيم وهذا غير رحيم فإن الرحيم هو من يحمل أولاده على الطاعة ولو استخدم القوة بحكمة أحيانا هذا هو الرحيم ولذلك يظهر الفرق بين رحمة الأب ورحمة الأم.

 

فإن رحمة الأم أحيانا في إعطاء الولد ما يريد، والضغط على الأب بعدم إكراه الولد أو معاقبته ربما أراد الولد المراهق سيارة يفعل بها المنكرات، ويلح والأب يقف ويقول لا والأم تتوسل إلى الأب أن يسمح، ويعطيه السيارة، هذه رحمة مقرونة بجهل ولذلك كانت الرحمة الحقيقة هي إيصال النفع في الظاهر، إيصال النفع للمسلم، ومنع الضرر عنه، ولو باستخدام الأشياء المؤلمة أحيانا، ولهذا أنت تعلم الآن من هذه النقطة كان من تمام أرحم الراحمين بعباده تسليط أنواع البلاء على العبد فإنه أعلم بمصلحة عبده في ابتلائه، وامتحانه، ومنعه من كثير من أغراضه، وشهواته من رحمته بعبده ولكن العبد لجهله، وظلمه يتهم ربه أنه يبتليه، وأنه يكرهه.

 

ولا ينظر إلى جانب الإحسان الإلهي في هذا الابتلاء والله يحمي عبده المؤمن الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه، أصناف الطعام المشهية تمنعها أنت عن مريضك إذا كانت الحمية هي العلاج وهي شهية جدا، وتمنعه منها والله يحمي عباده المؤمنين المخلصين من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه كما ورد في الحديث، فمن رحمته بعباده أنه يبتليهم لا بخلا يمنع عنهم الأموال كلا أو يفقر بعضهم بخلا فإنه جواد كريم ماجد غني كريم فمن رحمته أنه ينغص عليهم الدنيا ويكدرها لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا بها ولكي يرغبوا إلى النعيم المقيم في الدار الآخرة، فيسوقهم إلى الجنة بسياط الابتلاء والامتحان، فيمنعهم ليعطيهم وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم.

 

وانظروا فإنه يجب أن نتمعن في حكمة الله في خلقه منعهم في الدنيا من بعض الأشياء ليعطيهم في الآخرة عباده المؤمنين وابتلاهم في الدنيا ليعافيهم يوم القيامة، وأماتهم ليحييهم ومن كون بعض الناس لبعضهم فتنة يقول بعض الفقراء لما لم أكن غنيا ويقول الضعيف هلا كنت مثل القوي، ويقول المبتلى هلا كنت مثل المعافى ويجهلون حكمة الله في هذا الابتلاء وقد حصل من جراء الجهل بهذه المسائل أمور عديدة من ظلم البشر لخالقهم، وبلغ الجهل ببعضهم، وهو الجهم بن صفون عليه من الله ما يستحق الملحد الزنديق أنه كان يخرج بأصحابه إلى الجذماء وأهل البلاء ويقول انظروا أرحم الراحمين يفعل مثل هذا؟ ليحملهم على الإلحاد، وهو ينكر رحمة الله كما ينكر حكمته.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *