Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن ﻣَﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺍﺑﺘﻼﺀ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﻋﻴﺸﻬﺎ ﻧﻜﺪ، ﻭﺻﻔﻮﻫﺎ ﻛﺪﺭ، ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ، ﺇﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ، ﺃﻭ ﺑﻠﻴﺔ ﻧﺎﺯﻟﺔ، ﺃﻭ ﻣﻨﻴﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ، ﻣﺴﻜﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻃﻤﺌﻦ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﺪار ﺣﻼﻟﻬﺎ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﺣﺮﺍﻣﻬﺎ ﻋﻘﺎﺏ، ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﻼل ﺣُﺴب ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻋُﺬب ﺑﻪ، ﻣَﻦ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓتن، ﻭﻣَﻦ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺰن، ﻣَﻦ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﺃﺫﻟﺘﻪ، ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻧﻈﺮﻫﺎ ﺃﻋﻤﺘﻪ، وإن حب الدنيا وتقديمها على الآخرة من أعظم البلايا التي تصيب الأمة في دينها ودنياها، ولذا جاء عند أبي داود عن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها” فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ؟
قال “بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن” فقال قائل يارسول الله وما الوهن؟ قال “حب الدنيا وكراهية الموت” والناظر إلى تاريخ الأمة يجد أنه لا يمكن أن تستباح أراضيها وأعراضها وحرماتها إلا عندما تتخلى عن دينها ولا تتخلى عن دينها إلا إذا رغبت في دنياها، فإن البهيمة تدافع عن نفسها وعن بيتها وعن عرضها وهي حيوان لا يعقل لكن فطرتها جعلتها تدافع عن نفسها، وتصد عنها ما يؤذيها، بينما المسلمون الذين كرمهم الله بالإسلام لم يقدروا أن يدفعوا عن أنفسهم ومبادئهم وقيمهم الإسلامية كثيرا من الشرور، لا لشيء إلا لأنهم لأنهم تخلوا عن دينهم.
ووضعو قيم ومبادئ الأمم الغربية والشرقية المنافية لما عليه ديننا الحنيف موضع تقدير واحترام، ومن هنا يقول تعالى “ومن يهن الله ما له من مكرم” فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، استبدلوا بالآخرة حب الدنيا وكراهية الموت، فمن العقوبات التي حلت بالأمة بسبب هذا الوهن والخوف والضعف والركون إلى الدنيا أن سلط على المسلمين عدوهم ينهب خيراتهم، ويعبث بأعراضهم، ويستحل محارمهم، بكل جرأة وقوة وإجرام، وأما المسلمون فقد أصيبوا بذل، وهوان، وخور في قلوبهم جزاء حبهم للدنيا، وتخليهم عن ما خلقوا من أجله، والله عز وجل يقول ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولو علم كثير من المسلمين حقيقة الحياة الدنيا.
بالنسبة لما أعد الله للكافرين والمسلمين في الآخرة لما ساوت الحياة في نظرهم شيئا يذكر، ولكن عظمت الدنيا في قلوب كثير منهم، وهانت الآخرة في نفوسهم، ومما ورد في ذم الدنيا ما روي عن سهل بن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال “أترون هذه هينة على صاحبها فو الذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة أبدا” وكان يصفها بعض العلماء بقوله جمة المصائب، رتقة المشارب، لا تفي لصاحب، وقال يحيي بن معاذ، الدنيا خمر الشيطان من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى، نادما بين الخاسرين.
قد ترك منها بغير ما جمع، وتعلق بحبل غرورها فانقطع، وقدم على من يحاسبه على الفتيل، والقطمير، والنقير، فيما انقرض عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعصاة الأقدام، ويندم المسيء على ما قدم، وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” فكانت تلك القطيعة التي احدثتها النفس الوثنية الخانقة سببا في ذيوع الاسلام، وامر دعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد رأى العرب مقاطعة قريش لذؤابتها من بني هاشم وهم يجيئون الى مكة المكرمة حاجين ومعتمرين ومتجرين يغشون الاسواق.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *