Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين على كل حال، والصلاة والسلام على محمد وآل محمد، وأشهد أن لا إله إلا الله هو الحميد وهو المحمود، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلي يوم الدين، فإن الحمد لله هو أوسع الصفات، وأعم المدائح والطرق إلى العلم به في غاية الكثرة والسبل إلى اعتباره في ذرات العالم وجزئياته، وتفاصيل الأمر والنهي واسعة جدا لأن جميع أسمائه تبارك وتعالى حمد، وصفاته حمد، وأفعاله حمد، وأحكامه حمد، وعدله من انتقامه من أعدائه حمد، وفضله في إحسانه إلى أوليائه حمد، والخلق والأمر إنما قام بحمده، ووجد بحمده وظهر بحمده، وكان لغاية هي حمده، فحمده سبب ذلك وغايته ومظهره وحامله.
فحمده سبحانه هو روح كل شيء، وقيام كل شيء بحمده، وسريان حمده في الموجودات، وظهور آثاره فيه أمر مشهود بالأبصار والبصائر، وإن الحمد نوعان وهو حمد على إحسانه إلى عباده، وهو من الشكر، وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله، وهذا الحمد لا يكون إلا لمن هو في نفسه مستحق للحمد، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال جل شأنه، وإذا كل ما يحمد به العباد، فهو من الملك الوهاب عز وجل فيرجع إليه لأنه سبحانه الواهب للصفات المحمودة، وروي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان،
والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها” رواه مسلم، وقال ابن رجب رحمه الله بعدما ذكر عدد من الأحاديث في هذا الباب، فقد تضمنت هذه الأحاديث فضل الكلمات الأربع التي هي أفضل الكلام، وهى “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” فأما الحمد، فاتفقت الأحاديث كلها على أنه يملأ الميزان، وقد قيل إنه ضرب مثل، وأن المعنى لو كان الحمد جسما لملأ الميزان، وقيل بل الله عز وجل يمثل أعمال بني آدم وأقوالهم صور ترى يوم القيامة وتوزن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” يؤتي يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما ” وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فهو دال على الحث على النكاح والترغيب فيه وبيان بعض حكمه وأسراره، ودال أيضا على أن من عجز عن النكاح يشرع له الاشتغال بالصوم لأنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان، فهو من أسباب العفة وغض البصر، وليس فيه حجة بوجه ما على إباحة قطع الحمل أو تحديد النسل، وإنما فيه تأخير عند العجز إلى زمن القدرة، وشرعية تعاطي أسباب العفة حتى لا يقع في الحرام، وأما الاحتجاج بأحاديث العزل على تحديد النسل فهو من جنس ما قبله، بعيد عن الصواب مخالف لمقاصد الشرع لأن العزل هو إراقة المني خارج الفرج لئلا تحمل المرأة.
وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه، مثل كون المرأة مريضة أو مرضعة، فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها، فيعزل لهذا الغرض أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما، ثم يترك ذلك، وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل، وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل، لغرض شرعي، وهذا لا محذور فيه في أصح الأقوال عند العلماء، كما دلت عليه أحاديث العزل، ثم إن العزل لا يلزم منه عدم الحمل فقد يسبقه المني أو بعضه فتحمل المرأة بإذن الله.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *